قطعي الصدور والامام عليهالسلام كان بصدد بيان حكم الله الواقعي ، كما يمكن التعبد بصدور الخبر المخالف للعامة نعم لا يمكن التعبد بصدور الموافق للعامة ، إذا كان الخبر المخالف للعامة الذي يعارض الموافق للعامة قطعيا سندا وجهة ودلالة ، إذ يعيّن حمل الموافق حينئذ على التقية وبعد الحمل لا يكون للتعبد به محل ، إذ التعبد انما يكون من حيث العمل على طبق المتعبد به ولا يجوز العمل على طبق الخبر الذي صدر تقية.
قال المصنف قدسسره : اني اقسم بروحي ان هذا المطلب المذكور أوضح من أن يخفى على مثل المحقق الرشتي الذي هو علم في التدقيق والتحقيق ، ولكن الخطأ والنسيان صارا كالطبيعة الثانية للانسان ولهذا قد اختفى هذا المطلب على المحقق المذكور ، عصمنا الله تعالى من زلل الاقدام والاقلام في كل ورطة ومقام آمين آمين.
قوله : ثم ان هذا كله انما هو بملاحظة ان هذا المرجح مرجح من حيث الجهة ...
ثم ان الابحاث المتقدمة من كون المخالفة العامة مرجحا جهتيا ومن تقدمها على المرجح الصدوري كما قال به الوحيد البهبهاني قدسسره ، أو من تقدم المرجح الصدوري على المرجح الجهتي كما ذهب اليه الشيخ الأنصاري قدسسره ، أو من انه لا فرق بينهما وهو مختار المصنّف قدسسره لكون المعيار في التقدم هو حصول الظن بالصدق والصدور ، أو حصول الاقربية إلى الواقع انما هي بملاحظة كون المخالفة للعامة من المرجحات الجهتية.
وأما بملاحظة كونها من المرجّحات الدلالية نظرا إلى ما في الموافق للعامة من احتمال التورية وهذا الاحتمال يوجب لضعف ظهوره ودلالته والمخالف للعامة يكون أقوى من الموافق دلالة وظهورا بعدم احتمال التورية فيه أصلا فالمخالفة للعامة مقدمة على جميع المرجّحات الصدورية لما عرفت سابقا من تقدم