وبواسطة الاحتمال الثالث في الموافق تشمله أدلة الحجية ونحكم بحجيته فعلا ، إذ يكفي في شمول أدلة الحجية احتمال الصدق إذ المانع عنها هو العلم بالكذب ، واما في الخبرين القطعيين من حيث السند ومن حيث الدلالة.
فلا محيص في هذا المورد من أن يكون الخبر الموافق للعامة صادرا عن تقية وليس الاحتمال الآخر فيه حينئذ بموجود ، وأما إذا لم تكن دلالة الخبر المخالف للعامة قطعيا فيحتمل في الخبر الموافق حينئذ ان يصدر لبيان حكم الله الواقعي ويحتمل أن يراد من الخبر المخالف للعامة خلاف ظاهره فقياس الموافق للعامة الذي يكون ظني السند وظني الدلالة بالموافق الذي يكون قطعي السند وقطعي الدلالة يكون مع الفارق لان الخبرين الموافق والمخالف إذا كانا قطعيين من حيث السند ومن حيث الدلالة فلا يحتمل في الموافق إلّا صدوره تقية.
واما إذا كانا ظنيين صدورا ودلالة فيحتمل في الموافق ثلاث احتمالات :
الأول : عدم صدوره رأسا.
الثاني : صدوره تقية.
الثالث : صدوره لبيان حكم الله الواقعي.
ولكن يحتمل أن يراد من المخالف حينئذ خلاف ظاهره فدوران احتمال الاثنين الأول والثاني فيما إذا كان المخالف قطعيا صدورا وجهة ودلالة ، وأما إذا لم يكن المخالف قطعيا صدورا وجهة ودلالة فيكون أمر الموافق دائرا بين الاحتمالات الثلاثة المذكورة.
فالنتيجة انه لا يمكن ان يقال بتقديم المرجّحات السندية على المرجّح الجهتي ، أو بالعكس ان كان احدهما اقوى وإلّا فالرجوع إلى أدلة التخيير.
قوله : ومنه قد انقدح إمكان التعبد بصدور الموافق القطعي ...
قد انقدح لك مما تقدم امكان التعبد بصدور الخبر الموافق للعامة إذا كان