القياس الذي ليس بمعتبر لاجل الدليل على عدم اعتباره بالخصوص يكون ثابتا كالشهرة الفتوائية وكالاجماعات المنقولة اللتين ليستا بمعتبرتين لأجل عدم الدليل على اعتبارهما لا عقلا ولا نقلا في وجوب الترجيح بسبب موافقة الخبر من حيث المضمون للقياس بناء على القول بالتعدي أما لاستفادته من الفقرات الخاصة من الأخبار العلاجية ، أو لدخول الخبر الراجح في القاعدة التي قد انعقد الاجماع عليها وهي وجوب العمل باقوى الدليلين المتعارضين بناء على دخول مظنون المضمون في اقوى الدليلين.
إلّا ان الأخبار الناهية عن العمل بالقياس و (ان السنة إذا قيست محق الدين) (١) و (أن أول من قاس ابليس) وغيرهما من الروايات المتكثرة مانعة عن ترجيح الخبر الموافق للقياس على المخالف له ، ضرورة ان استعمال القياس بعنوان كونه مرجّحا لاحد الخبرين المتعارضين على الآخر يكون نحو استعمال له في المسألة الشرعية الاصولية والحال أن حظر القياس فيها ليس بأقل من استعماله في المسألة الشرعية الفرعية.
إذ استعماله في الفروع وفي الاحكام الفرعية موجب لمحق الدين واضمحلاله كذا استعماله في الأصول وفي المسائل الاصولية يوجب لمحقه واضمحلاله ولا فرق في البين من هذه الناحية أصلا مثلا إذا قيس صوم الحائض بصلاتها فيقال ان الصلاة ساقطة عنها مع كونها عمود الدين ومعراج المؤمن. وعليه فلا بدّ أن يكون الصوم ساقطا عنها بطريق أولى ، فهذا القياس يوجب اضمحلال الصوم عن الدين وكذا إذا قيس الخبر الموافق للقياس بالخبر المخالف له ويقدم الموافق على المخالف ويستنبط الفقيه حكما على طبق الموافق له فهذا الاستنباط يوجب لاضمحلال الدين ، إذ ربما يكون الموافق مخالفا للواقع والمخالف مطابقا له
__________________
١ ـ الوسائل ج ١٨ ص ٢٥ ، ابواب صفات القاضي ، الباب ٦ ، الحديث ١٠.