ويشترط في المجتهد الذي ينفذ حكمه وقضائه أن يعلم كثيرا من الأحكام وجميع المسائل الذي تبتلى به عامّة المكلّفين. وعلى ضوء هذا لا تدلّ هذه الرواية الشريفة على المدّعى.
قلنا : لوحظت قلّته بالنسبة إلى علوم الأئمة الأطهار عليهمالسلام وحينئذ يكون هذا الشيء كثيرا في نفسه وإلّا لا يعدّ شيئا من علومهم عليهمالسلام فان علمهم عليهمالسلام بمنزلة بحر محيط فالشيء منه لا يكون إلّا كثيرا في نفسه وهو متعارف عند العقلاء فانّه إذا قيل عند فلان شيء من الثروة والمال يراد منه ما يكون كثيرا في نفسه فانّه قليل بالاضافة إلى مجموع الأموال الموجودة في الدنيا.
فالسرّ في هذا التعبير هو الإشارة إلى كثرة علمهم عليهمالسلام بحيث يكون علم غيرهم بالنسبة إلى علمهم عليهمالسلام كالقطرة من البحر الطويل والعريض كما هو كذلك واقعا. ولا يخفى عليك انّه قد بيّنت أمور ثلاثة في هذا المقام :
أحدها : جواز العمل بالاجتهاد وعدم جواز رجوعه إلى غيره.
ثانيها : جواز رجوع الغير إليه.
ثالثها : نفوذ حكمه وقضائه.
هذا كلّه بالإضافة إلى المجتهد المطلق الانفتاحي.
ثم انّه قد انقدح لك ممّا سبق عدم جواز تقليد من عرف الأحكام من طريق غير الأدلّة المتعيّنة والمدارك المقرّرة كالرمل والجفر وغيرهما وعدم اعتبار قضائه. والوجه في هذا المطلب أن الأئمّة الأطهار عليهمالسلام قد أمروا الناس بالرجوع إلى رواة أحاديثهم ونهوا عن الاعتماد على غيرهم وقيّدوا الرجوع بكون الراوي ناظرا إلى حلالنا وحرامنا.
هذا ظاهر في اعتبار كونه من أهل النظر والاستنباط والاستخراج كما هو ظاهر مقبولة عمر بن حنظلة رضى الله عنه وغيرها هذا مضافا إلى أن راوي الأحاديث