وثانيا : ان الملازمة العرفية ثابتة بين جواز الافتاء وبين جواز اتباعه تعبّدا ، امّا بخلاف وجوب اظهار الحق والواقع فانّه لا ملازمة عرفا ولا عقلا بين وجوب اظهاره وبين وجوب أخذه وقبوله تعبّدا.
وعليه : فيكون الفرق ثابتا بين الأمر باظهار الحق والواقع ، وبين الأمر بالافتاء للناس من وجهين :
الأوّل : أن يكون الغرض المهم من الأمر باظهار الحق والواقع حصول العلم واليقين به لجميع الناس والغرض من الأمر بالفتوى للناس بيان الأحكام واظهار الحلال والحرام وليس الغرض المهم من الأمر بالفتوى حصول العلم بها.
الثاني : أن لا تكون الملازمة العرفية بين وجوب اظهار الحق والواقع وبين وجوب أخذه وقبوله تعبّدا. أمّا بخلاف الأمر بالافتاء فان الملازمة العرفية واضحة بين الأمر الافتاء ، وبين جواز أخذه وقبوله تعبّدا فقياس الأمر بالافتاء بالأمر باظهار الحق والواقع مع الفارق ، وهو باطل باجماع الفريقين.
قوله : فافهم وتأمّل ...
ان مدلول آية السؤال وآية النفر هو إرجاع غير العالم إلى العالم وإرجاع غير المتفقّه إلى المتفقّه وغير المنذر ـ بالفتح ـ إلى المنذر ـ بالكسر ـ لأجل تحصيل العلم بالواقع وليسا لبيان قبول قول العالم والمتفقّه والمنذر تعبّدا وبلا دليل فلا تكونان دليلين على جواز التقليد.
نعم ينحصر الدليل على الجواز بالأخبار ، ولهذا قال المصنّف قدسسره : ان هذه الأخبار على اختلاف مضامينها كي تكون متواترة معنى ، وتعدّد أسانيدها وطرقها حتى تكون متواترة لفظا ، ولكن هي ليست بمتواترة معنى ولفظا أما الأول فهو غير متحقّق فيها لاختلاف مضامينها ، وامّا الثاني فهو أيضا غير متحقّق فيها لاختلاف ألفاظها ولهذا قيل ان هذه الروايات وان لم تكن متواترة بتواتر المعنوي ولا متواترة