يمكن أن يكون قول غير الأعلم موافقا لقول المجتهد الميّت الذي يكون أعلم من الحي الأعلم بالإضافة إلى المجتهد الذي يكون غير أعلم في زمان حياته.
فإن قيل : ان الأمر كذلك ، وأمّا فتوى الأفضل فهو أقرب إلى الواقع في حدّ نفسه وان لم يكن أقرب إليه من فتوى الأفضل الذي مات مثلا يكون فتوى زيد الأعلم أقرب إلى الواقع من فتوى بكر غير الأعلم في حدّ نفسه وإن لم يكن أقرب من فتوى خالد الأفضل من بكر ، ولكن مات خالد في زمان حياة زيد وبكر فيصحّ جعل فتوى الأعلم صغرى للكبرى.
قلنا : ينبغي أن لا يصغى إلى هذا الكلام فانّا لو سلّمنا هذا الكلام أي كون فتوى غير الأعلم باعتبار مطابقته مع فتوى المجتهد الميّت الذي هو أعلم من الأعلم الحيّ أقرب إلى الواقع ، فلا يصحّ أن يدّعى كون فتوى الأعلم أقرب إلى الواقع يكون صغرى للكبرى التي يحكم العقل بتقديم الأقرب إلى الواقع على غير الأقرب إليه إذ لا فرق عقلا بين أن تكون الأقربية في الامارات إلى الواقع في حدّ نفسها وذاتها أو تكون بلحاظ الامارة الأخرى أي بلحاظ موافقتها لامارة أخرى وكذا الفتوى.
وعلى ضوء هذا ففتوى غير الأعلم وإن كان ذاتا وفي حدّ نفسه لا يكون أقرب إلى الواقع من فتوى الأعلم الحي ولكن هو باعتبار موافقته لفتوى الأفضل الذي مات يكون أقرب إلى الواقع وهذا المقدار يكفي لمنع جعل فتوى الأعلم صغرى للكبرى المذكورة وهي عبارة عن تقديم كل أقرب إلى الواقع على غيره كما لا يخفى.
وأمّا الكبرى فلأن ملاك حجيّة قول الغير تعبّدا ولو على نحو الطريقيّة إلى الواقع لم يعلم أنه القرب إلى الواقع حتى يقدّم قول الأفضل على قول المفضول عند المعارضة إذ نحتمل التساوي بين قول الأعلم وبين قول غير الأعلم ولا يكون الترجيح في البين أصلا بحيث لا تكون زيادة القرب دخيلة في الكشف عن الواقع