المفتي فلا يجوز تقليد الميّت ابتداء ، واحتج على مدّعاه بأن الأصل عدم جواز تقليد الميّت للشك في جواز تقليده حيث ليس الدليل الاجتهادي بموجود في هذا المقام ولا السيرة القطعية بموجودة فتصل النوبة حينئذ بالأصول العملية والأدلّة الفقاهتية واصالة عدم جواز تقليد الميّت تجري في المقام لأجل الشك في الجواز وعدم الجواز لدوران الأمر بين التعيين والتخيير. ومن الواضح أنه في صورة هذا الدوران يؤخذ بالمتيقّن وهو عبارة عن تقليد الحي ويطرح المشكوك بحكم العقل وهو تقليد الميّت وليس المخرج عن هذا الأصل إلّا الوجوه التي قد استدلّ القائلون بالجواز ، منها : استصحاب جواز تقليده في حال حياته بمعنى ان المجتهد في زمان حياته يجوز تقليده وبعد مماته نشك في الجواز وعدم الجواز ونستصحب بقاء الجواز بعد الممات لتمامية أركان الاستصحاب ، وهي عبارة عن اليقين السابق والشك اللاحق.
ولكن قال المصنّف صاحب الكفاية قدسسره : لا يخفى عليك أنّه لا مجال لهذا الاستصحاب لأن التقليد عن المجتهد عبارة عن أخذ رأي المجتهد ولكن رأيه يزول بعد موته بنظر العرف فانّ الرأي متقوّم بالحياة بنظره فموضوع جواز التقليد بحكم العرف معدوم ويشترط في الاستصحاب بقاء الموضوع وان كان بنظر العقل ودقّته بقاء الرأي بعد الممات لأن الرأي من صفة الروح الذي يبقى دائما لا من صفة الجسم الذي يفنى وينعدم بعد زهوق الروح ومفارقته عنه. وأمّا المناط في باب الاستصحاب فهو نظر العرف وقد سبق هذا مكرّرا.
وعليه فلا يجري الاستصحاب أي استصحاب بقاء الرأي بعد الموت ولا ينافي عدم جريان بقاء الرأي مع جريانه بطهارة عرق بدنه ونجاسة بوله وبقاء جواز نظر زوجته إلى عورته وبدنه إذ الموضوع لهذه الأمور هو الجسم الذي يبقى بعد الموت لأن الموت والحياة من الحالات المتبادلة نظير البرودة والحرارة العارضتين على الماء ، فاذا كان الموضوع باقيا فيجري الاستصحاب أي استصحاب بقاء طهارة