قوله : فتأمّل ...
وهو إشارة إلى أن هذه الأولوية ظنّية مفيدة للظن والأصل الأوّلي حرمة العمل بالظن إلّا ما خرج بالدليل ، وذلك كالظن الحاصل من ظواهر الكتاب الكريم والأخبار الآحاد أو هو إشارة إلى أن المرض والهرم إذا كانا موجبين لزوال الرأي وهو يوجب لعدم جواز التقليد مع أن فيهما اختلال بعض القوى ، فالموت الذي يختل به جميع القوى الانساني يوجب زوال الرأي الموجب لعدم جواز التقليد بالأولوية القطعية التي يحصل منها القطع الذي هو حجّة من أيّ سبب حصل وقد سبق هذا في بحث القطع.
قوله : ومنها اطلاق الآيات الدالة على التقليد ...
ومن جملة الأدلّة التي تدل على جواز التقليد أي على جواز البقاء على تقليد الميّت اطلاق الآيات الدالّة على جواز التقليد بحيث تشمل باطلاقها البقاء على تقليد الميّت والآيات التي تدل على رجوع الجاهل إلى العالم كقوله تعالى : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)(١) ، وقوله تعالى : (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)(٢) ، وقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ)(٣) ، وقوله تعالى : (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا)(٤) وهذا دليل ثان للقول بجواز المطلق ، أي بجواز البقاء على تقليد الميّت الأعلم سواء عمل بفتواه في زمن حياته أم لم يعمل بها فيه ، واستصحاب الأحكام دليل الأوّل.
__________________
١ ـ سورة النحل آية ٤٣.
٢ ـ سورة التوبة آية ١٢٢.
٣ ـ سورة البقرة آية ١٥٩.
٤ ـ سورة الحجرات آية ٦.