الشك الذي لا يجوز نقض اليقين به شكّا في البقاء والارتفاع ، ولكن ليس هنا كذلك إذ الشك في المثال المذكور في بقاء الطهارة في الساعة الثالثة وارتفاعها في الساعة الثانية ، لأنّ الطهارة إن كانت واقعة في الساعة الثانية فهي باقية في الثالثة ، وإن كانت واقعة في الساعة الاولى فهي مرتفعة في الثانية لا في الثالثة فالساعة الثالثة ليست زمان الشك في الارتفاع بل يعلم بعدم الارتفاع فيها ، إذ الارتفاع للطهارة محتمل في الساعة الثانية لا غير.
الثالث : ما ذكره بعض المذكور أيضا من أنّ المنصرف من دليل الاستصحاب اتصال زمان الشك بزمان اليقين بحيث إذا انتقلنا من زمان الشك المتأخّر إلى ما قبله من الأزمنة على نحو القهقرى لعثرنا على زمان اليقين بالمستصحب ، ولكن ليس هنا كذلك لأنّ ما قبل الساعة الثالثة التي هي زمان الشك هو الساعة الثانية وهي ليست زمان اليقين بالطهارة ، أو النجاسة في المثال المتقدّم ، وما قبل الساعة الثانية وهو الساعة الاولى أيضا ليست بزمان اليقين بالطهارة ولا اليقين بالنجاسة لاحتمال كل منهما وقوعه فيها وفيما بعدها ، وحيث انّه ليس لنا زمان تفصيلي نتيقن فيه الطهارة أو النجاسة امتنع جريان الاستصحاب في كل منهما لانصراف الدليل عنه كما لا يخفى.
الرابع : ما ذكره أيضا بعض المتقدّمين من أن قوام الاستصحاب الشك في امتداد المستصحب. وليس هنا كذلك فان الحدث المجهول التاريخ في المقام إن كان سابقا على الزوال فهو مرتفع وليس له امتداد وإن كان لا حقا للزوال فهو باق وممتد فلا شك حينئذ في الامتداد بل انّما الشك في التقدّم والتأخّر لا غير.
الخامس : ما يختلج في الذهن من انّ البقاء تابع للحدوث من حيث التفصيل والاجمال والشك في البقاء تابع للعلم بالحدوث فإن كان الحدوث المعلوم بلحاظ الأزمنة التفصيلية ، أي كان الحدوث معلوما تفصيلا فالبقاء لا بد أن يكون كذلك يكون معلوما تفصيلا.