فالتكليف بترك فرد منها لغو وصدوره من الحكيم محال.
لا يقال انه على هذا لا بد من الالتزام بعدم معقولية الصورتين الأخيرتين بل الثانية أيضاً ، إذ لو لم يكن المكلف قادرا على إيجاد جميع أفراد الطبيعة لم يكن قادرا على ترك جميعها إذ القدرة على أحد النقيضين عين القدرة على الآخر ، فكيف يتعلق الأمر بجميع التروك أو مجموعها أو ما يحصل من المجموع.
فانه يقال ان نقيض جميع التروك عبارة عن عدم الجميع ولو بفعل واحد فكما ان الفعل الواحد مقدور كذلك جميع التروك ، وغير المقدور إنما هو الجمع في الوجود ، لا الجمع في التروك ، فالصور الثلاث الأخيرة معقولة ولا بد في كل مورد من ملاحظة الدليل.
ويترتب على هذا ثمرة في ما إذا شك في صدق الطبيعة التي أمر بتركها على فعل خارجي لشبهة موضوعية.
إذ في الصورة الأولى من الصور المعقولة ، تجرى البراءة عن وجوب ترك ذلك الفعل ، عقلا وشرعا لرجوع الشك فيه ، إلى الشك في جعل حكم مستقل.
وفي الصورة الثانية ، جريان البراءة يبتنى على جريانها في الأقل والأكثر الارتباطيين.
وفي الصورة الثالثة لا يجرى ، لأنه شك في المحصل ، اللهم إلا ان يلتزم بجريانها فيما إذا كان بيان المحصل وظيفة الشارع ، وتمام الكلام في ذلك محرر في مسألة اللباس المشكوك فيه.