وان لوحظ مستقلا خرج عن كونه معنى حرفيا وصار معنى اسميا.
وفيه : انه قد تقدم تحقيق القول في ذلك وعرفت جريان مقدمات الحكمة في مفاد الحروف ، وقد اعترف هو بذلك ، ولذلك تمسك باطلاق هيئة فعل الأمر لاثبات كون الوجوب نفسيا لا غيريا.
وحله على مسلكه على ما أفاده تلميذه المحقق بملاحظة المعنى الحرفي الوسيع أو الضيق بتبع المعنى الاسمى ، فيلاحظ اللازم والملزوم ، على نحو لا ينفك أحدهما عن الآخر ، ويكون ذلك ملاحظة للزوم بنحو الانحصار بالتبع.
الإيراد الثاني (١) : ان القياس على تعيين الوجوب النفسي باطلاق صيغة الأمر مع الفارق ، فان النفسي هو الواجب على كل حال بخلاف الغيري فانه واجب على تقدير دون تقدير ، فيحتاج بيانه إلى مئونة التقييد بما إذا وجب الغير ، وهذا بخلاف اللزوم بنحو العلة المنحصرة ، إذ كل واحد من انحاء اللزوم والترتب محتاج في تعيينه إلى القرينة مثل الآخر.
وبعبارة أخرى : القيود العدمية كالوجودية تحتاج إلى التنبيه والبيان ، وإنما لا يحتاج إلى البيان عدم القيد لا القيد العدمي ، وإلا فهو كالضد الوجودي لا بد من بيانه.
وان شئت قلت ، ان الضابط (قدِّس سره) عنده انه كلما كان عدم بيان الطرف المقابل في المتفاهم العرفي بيانا له ، من غير احتياج إلى التصريح به فعند الإطلاق يحمل اللفظ عليه ، وكلما لم يكن كذلك بل كان كل منهما محتاجا إلى
__________________
(١) كفاية الاصول ص ١٩٥ ـ ١٩٦ (وثانياً : تعينه من بين انحائه بالاطلاق ..).