والجواب عنه إنما هو بأحد وجهين :
الأول : ان المصلحة أو المفسدة الواقعية ليست بمرتبة من الأهمية كي يلزم تحصيلها حتى في حال الجهل وعدم العلم به.
الثاني : انه في فرض انسداد باب العلم حيث ان الأمر يدور بين ان يهمل المولى عبيده فلا يصلوا إلى الواقع أصلاً فيلزم تفويت جميع المصالح والإلقاء في جميع المفاسد ، وبين ان يتعبدهم بالعمل بالأمارات غير العلمية فيصلوا إلى الواقع في جملة من الموارد ويستوفون عدة من المصالح ويتحرزوا عن جملة من المفاسد ، فيتعين التعبد بالعمل بها.
واما في فرض انفتاح باب العلم ، فان كانت الأمارات غير العلمية اكثر إصابة إلى الواقع من القطع أو الاطمينان الحاصل للمكلف فهذه الصورة ملحقة بالصورة الأولى ، وان كان القطع أو الاطمينان اكثر إصابة من الأمارات ، فالتعبد بالأمارات يمكن ان يكون لأجل ان الزم المكلفين بتحصيل العلم عسر على النوع ومناف لسهولة الشريعة فمصلحة التسهيل على النوع تقتضي التعبد بالأمارات وتزاحم الملاكات الواقعية فمن التعبد بها يستكشف ان الشارع إلا قدس قدم المصلحة النوعية العامة على المصالح الشخصية ولا قبح في ذلك.
وقد أجاب الشيخ الأعظم (ره) (١) عن هذه الشبهة بجواب آخر وتبعه غيره
__________________
(١) راجع فرائد الأصول ج ١ ص ٤٣ ـ ٤٥.