وملخص القول فيه ، انه لا ريب في ان مدرك حجية الإجماع ليس هو الإجماع ولا بد وان يكون غيره كما هو واضح ، وليس هو الكتاب كما لا يخفى ، ولا السنة لعدم ورود نص بذلك ، ولا العقل لعدم تصور حكم عقلي يتوصل به إلى حكم شرعي يكون مخفيا علينا ، فعلى هذا الإجماع بما هو اجماع ليس بحجه وإنما ينحصر وجه حجيته باستكشاف رأى المعصوم والقطع به فلا فائدة في اطالة الكلام في بيان المراد من لفظ الإجماع ، فالصفح عنه اولى ، بل لا بد من البحث في مستند القطع ، وقد ذكروا فيه وجوها.
منها : الملازمة العقلية ، وتقريبها من وجهين :
الأول : قاعدة اللطف وقد اعتمد عليها شيخ الطائفة (ع) (١) وتبعه جماعة وتقريبها ، ان الواجب على الإمام الذي هو الحجة على الانام تبليغ الأحكام الشرعية الموجبة لتكميل النفوس ، وتوصل العباد إلى مناهج الصلاح ، وهذه هي وظيفته المحولة إليه من قبل الله سبحانه الذي يجب عليه تكميل نفوس البشر ، وارشادهم إلى مناهج الصلاح ، بانزال الكتب وبعث الرسل.
وعلى ذلك فإذا اتفقت الامة على حكم فان كان موافقا لرأيه (ع) فهو المطلوب ، وإلا فيجب عليه القاء الخلاف بينهم فمن عدم الخلاف يستكشف موافقة رأيه لما اجمع الاصحاب عليه.
وفيه : ان الواجب على الإمام (ع) إنما هو تبليغ الأحكام الشرعية على
__________________
(١) راجع العدّة لشيخ الطائفة ج ٢ ص ٦٤٢ ، عد قوله : «فإن عدمنا الطريقين معاً ولم نجد ما يدل على صحة ذلك القول .. الخ».