الوجه الثاني : دلالة الاقتضاء وهي ما أفاده الشيخ الأعظم (ره) (١) ، وحاصله : ان في خبر الفاسق حيثيتين حيثية ذاتية ، وهي كونه خبر واحد وحيثية عرضية ، وهي كونه خبر فاسق ، وقد علق وجوب التبين على الحيثية الثانية ، فلو كانت الأولى صالحة لذلك كان المتعين ، التعليق عليها : إذ العدول عن الأمر الذاتي إلى العرضي ، قبيح وخارج عن الطريقة المألوفة ، نظير تعليل نجاسة الكلب بملاقاته مع النجس فيستكشف من ذلك ، ان وجوب التبين ينتفي ، بانتفاء العنوان العرضي وهو الفسق ، فيعمل بخبر غير الفاسق من دون تبين.
وأورد عليه بإيرادين :
الأول : ما أفاده المحقق العراقي (ره) (٢) وهو ان لازم هذا التقريب حجية الخبر في نفسه ومانعية الفسق ، فلا بد من الالتزام بحجية خبر غير الفاسق مطلقا ولو لم يكن عادلا كالصغير ، والوسط بين العادل والفاسق ، ولم يلتزم به أحد.
__________________
(١) فرائد الأصول ج ١ ص ١١٦ (واما المجوزون فقد استدلوا على حجيته بالأدلة الأربعة) عند قوله : «الثاني ... وقد اجتمع فيه وصفان ذاتي وهو كونه خبر وعرضي وهو كونه خبر فاسق ..».
(٢) حكى هذا الإيراد آية الله الخوئي في دراسات في علم الأصول ج ٣ ص ١٥٨ ولم ينسبه إلى أحد / وهو مختار المحقق العراقي في نهاية الأفكار ج ٣ ص ١١٠ عند قوله : «فلم يعهد من أحدهم القول بالحجية لذات الخبر الواحد بما هو كذلك وإلا للزم القول بحجية كل خبر لم يتصف بكونه صادرا عن الفاسق عند من يقول بجريان الأصل في مثله من الاعدام الأزلية ، ولم يلتزموا بذلك ما لم تحرز العدالة».