ثالثها : ان المفهوم متفرع على المنطوق ، ومترتب عليه ترتب الدلالة الالتزامية على الدلالة المطابقية ، والمنطوق مترتب على عموم التعليل ترتب المعلول على علته فلا يعقل ، ان يكون المفهوم حاكما على التعليل ، إذ ما يكون متأخرا عن الشيء رتبة لا يعقل ان يكون حاكما عليه.
وفيه : أولا : ان تأخر المفهوم عن المنطوق إنما هو في مقام الكشف والدلالة لا في مقام المدلول.
وبعبارة أخرى : حجية خبر العادل لا تكون متأخرة عن عدم حجية خبر الفاسق ، بل المتأخر هو كشف القضية عن حجية خبر العادل عن كشفها عن عدم حجية خبر الفاسق ، والحاكم إنما هو نفس المفهوم لا كشفه.
وثانيا : ان الحكومة لا تنحصر في ما إذا كان الحاكم ناظرا إلى المحكوم وشارحا له بل هناك قسم آخر من الحكومة ، وهو ما إذا كان دليل الحاكم متضمنا لبيان موضوع مستقل يكون نتيجته التوسعة أو التضييق في دليل المحكوم كما في المقام.
وبما ذكرناه ثانيا يظهر اندفاع ، ما ربما يورد على الحكومة من ان الحكومة إنما هي فيما إذا كان لسان الدليل نفى الموضوع ، وكان الغرض منه نفى الحكم كما في قوله : " لا ربا بين الوالد والولد" (١) ، واما لو كان لسان الدليل نفى الحكم ابتداء فليس هناك حكومة والمقام كذلك إذ المستفاد من المفهوم
__________________
(١) راجع وسائل الشيعة ج ١٨ ص ١٣٥ باب ٧ (انه لا يثبت الربا بين الولد والوالد ...) بتصرف في اللفظ.