ويمكن ان يجاب عنه بجواب ثان ، وهو ان المورد مورد للمنطوق لا المفهوم ، وهو لم يرد كبرى لصغرى مفروضة الوجود لعدم ورود الآية مورد إخبار العادل بالارتداد ، بل يكون المفهوم من هذه الجهة كسائر الكليات الابتدائية ولا ملازمة بين المنطوق والمفهوم في المورد.
الإيراد الرابع : ما أفاده بعض الأعاظم (١) ، وهو ان المراد ان كان هو خصوص العلم الوجداني ، لا يمكن ان يكون وجوب التبين نفسيا ، أو شرطيا ، أو مقدميا ، لان مقسم هذه الأقسام الوجوب المولوي ، ولزوم اتباع العلم عقلي وأمر الشارع به لا محالة يكون إرشاديا فلا مفهوم للآية ، وان كان المراد به الوثوق ، يكون المستفاد من مجموع منطوق الآية ومفهومها حكما مخالفا للإجماع ، فان العلماء اختلفوا على قولين : أحدهما : حجية قول العادل ، أفاد الوثوق أم لا؟ ، ثانيهما : حجة الخبر الموثق ، والآية على هذا بمفهومها تدل على حجية خبر العادل ، وان لم يفد الوثوق ، وبمنطوقها تدل على حجية الموثق ، وان لم يكن المخبر عادلا وهذا إحداث قول ثالث ، فلا محالة يقع التعارض بين المنطوق والمفهوم.
وفيه : أولا : انه يمكن ان يكون المراد من التبين ، العلم الوجداني ، ويكون الأمر به مولويا ، فان اتباع العلم والعمل على طبقه لا يعرضه الوجوب المولوي ، واما تحصيل العلم فلا بد من كون وجوبه مولويا ، والمقام من قبيل الثاني ، لا الأول ، فمنطوق الآية حينئذ ان العمل بخبر الفاسق مشروط بحصول
__________________
(١) وهو ظاهر كلام المحقق العراقي في نهاية الأفكار ج ٣ ص ١٠٨.