وأورد عليه بعض المحققين (١) : بان المراد من التبين ان كان هو العلم ، كان الأمر إرشاديا ، إذ وجوب العمل على طبق العلم عقلي ، فالأمر به لا محالة يكون إرشاديا ، لا شرطيا ، فلا مفهوم له : لعدم استفادة المفهوم من الأمر الإرشادي ، وان كان المراد منه الوثوق لزم خروج المورد عن تحت الحكم المذكور في المنطوق ، إذ لا يكفي الوثوق الحاصل من خبر الفاسق في مثل ذلك فلا يمكن التحفظ على كون وجوب التبين شرطيا مع عدم لزوم تخصيص المورد.
وفيه : أولا : ان وجوب العمل على طبق العلم عقلي والواجب هو تحصيل العلم لا العمل به وتحصيله ليس واجبا عقليا بل هو شرعي.
وثانيا : ان التبين إنما هو بمعنى الظهور والوضوح فالمستفاد من المنطوق هو عدم العمل بخبر الفاسق إلا بعد ظهوره ووضوحه ، وهذا المعنى في نفسه ظاهر في العلم الوجداني ، إلا انه كلما ثبت بدليل حجيته ، دخل في هذا العنوان بعنوان الحكومة كان هو خبر العادل الثابت حجيته بالمفهوم ، أو غيره من الأمارات الثابتة حجيتها بدليل خارجي ـ وبالجملة ـ ليس المراد به خصوص العلم الوجداني ، ولا الوثوق ، بل هو الظهور والوضوح فتدل الآية على إناطة جواز العمل بخبر الفاسق بالظهور وانكشاف الواقع ، وهذا معنى عدم حجيته في نفسه ، كما ان مفهومه جواز العمل بخبر العادل بلا اعتبار ذلك وهو معنى حجيته ، وحينئذٍ كلما ثبت حجيته دخل في عنوان التبين والظهور وإلا فلا.
هذا كله في الجواب الأول عن هذا الإيراد.
__________________
(١) حكاه عن بعض الأعاظم آية الله الخوئي في دراسات في علم الأصول ج ٣ ص ١٦٦.