فان النسبة بينهما وان كانت عموما من وجه ، إلا ان دلالة الموثق تكون بالعموم ، ودلالة الآية بمفهومها بالإطلاق ، وقد حقق في محله ان ما دلالته بالعموم مقدم على ما يكون دلالته بالإطلاق.
ويرد عليه ، أولا : انه بناء ـ على ما هو الحق المتقدم في محله ، ان مفاد دليل حجية الخبر جعل ما ليس علما وظهورا ، علما ـ يصير خبر الواحد بمقتضى مفهوم الآية من مصاديق الاستبانة بالحكومة ، ويشمله الشق الأول المذكور في الموثق.
فان قيل على هذا يلغو ذكر البينة.
اجبنا عنه بأنها إنما ذكرت للتنبيه على حجيتها ، مع ان ذكرها من قبيل ذكر الخاص بعد العام.
وثانيا : انه يمكن ان يقال ان الاستبانة هي التفحص والاستكشاف ، والبينة ما يظهر بقيام دليل من الخارج.
وبعبارة أخرى : ان المراد من البينة الحجة وما يكون مثبتا للشيء ، وإطلاق البينة على هذا المعنى إنما هو من جهة كونه معناها اللغوي واستعمالها فيه ليس بعزيز ، بل ورود في القرآن الكريم وكلمات العلماء.
قال الله تعالى : (وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ)(١).
وقال (كَيْفَ يَهْدِي اللهُ قَوْمًا كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُواْ أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌ
__________________
(١) الآية ٨٧ من سورة البقرة.