الأول : ان كلمة لعل ، ظاهرة في الترجي الحقيقي اما لكونها موضوعة له كما هو المعروف ، أو لانصرافها إلى كون الداعي إلى استعمالها في معناها الحقيقي ، وهو الترجي الإيقاعي الإنشائي هو ذلك ، وحيث ان الترجي الحقيقي لتقومه بالجهل ، يستحيل في حقه تعالى ، فلا بد وان تحمل على اقرب المجازات والمعاني إليه ، وهو المحبوبية ، فجملة لعلهم يحذرون تدل على محبوبية التحذر ، وهو التحفظ والتجنب العملي ، والاتيان بما اخبر به لو كان واجبا والانتهاء عنه لو كان حراما ، وبعبارة أخرى : تطبيق العمل على ما انذر به ، وإذا ثبت محبوبيته ثبت وجوبه. اما عقلا كما أفاده صاحب المعالم (ع) (١) نظرا إلى ان التعبد بما لا يكون حجة قبيح وبما هو حجة واجب. وبعبارة أخرى : مع وجود المقتضى للعقاب يجب التحذر ، ومع عدمه يستقل العقل بقبح العقاب بلا بيان ، أو شرعا لعدم الفصل واقعا ، فالآية الكريمة تدل على وجوب التحذر عند انذار المنذر ولو لم يفد قوله العلم وهذا معنى حجية الخبر الواحد.
وأورد عليه بايرادات :
١ ـ ان المراد بالنفر النفر إلى الجهاد ، بقرينة صدر الآية الذي هو في الجهاد وسياق سائر الآيات التي تكون قبل هذه الآية ، ومعلوم ان النفر إلى الجهاد ، لا يترتب عليه التفقه ، نعم ربما يترتب عليه بناء على ما قيل ، من ان المراد منه البصيرة في الدين من مشاهدة آيات الله تعالى ، من غلبة المسلمين على اعداء الله وظهور علائم عظمة الله تعالى وسائر ما يتفق في الحرب ، ويخبروا بذلك
__________________
(١) معالم الدين ص ١٧٩.