فالحق ان الطهارة وما يقابلها ليستا من الامور الواقعية وإنما هما من الأحكام الشرعية مع انه لو سلِّم كونهما منها إلا ان الكاشف عنهما لا محالة يكون الشارع وعند الشك لا بدَّ من السؤال عنهما وهذا معنى الشبهة الحكمية.
الثاني : ما في الكفاية (١) وهو اختصاص القاعدة ببعض ابواب الفقه ، والمسألة الأصولية ما تفيد في جميع الأبواب.
وفيه : ان ضابط المسألة الأصولية استنباط الحكم الشرعي منها ، واما اعتبار كونها جارية في جميع ابواب الفقه ، فمما لم يدل عليه دليل ، كيف وجملة من المسائل الأصولية تختص بابواب خاصة ، لاحظ مسألة دلالة النهي على الفساد.
الثالث : ان الطهارة والنجاسة عين التكليف ، أو منتزعتان عنه ، وعليه فالشك فيهما شك في الحكم ومورد للبراءة فقاعدة الطهارة عين البراءة ولذا لم يعد قسما برأسه.
ويرده ما حققناه في مبحث الاستصحاب من ان الأحكام الوضعية ، ومنها الطهارة والنجاسة مستقلة في الجعل ، لا منتزعة من التكليف ولا عينه.
والصحيح ان يقال : انها من المسائل الأصولية ، وإنما لم تذكر في علم الأصول لعدم وقوع الخلاف فيها ، لا لعدم كونها منها.
__________________
(١) كفاية الأصول ص ٣٣٧.