ثم ان المحقق الخراساني والمحقق النائيني لم يسلما دلالة الخبر على البراءة وذكر كل منهما وجها لذلك غير ما ذكره الآخر.
أما المحقق الخراساني (١) فأفاد ان دلالته تتوقف على عدم صدق الورود إلا بعد العلم أو ما بحكمه بالنهي عنه وان صدر عن الشارع ووصل إلى غير واحد مع انه ممنوع لوضوح صدقه على صدوره عنه سيما بعد بلوغه إلى غير واحد وقد خفي على من لم يعلم بصدوره انتهى.
وأما المحقق النائيني (ره) (٢) فأفاد ان مفاد هذه الرواية هو اللاحرجية العقلية الأصلية قبل ورود الشرع والشريعة فهي أجنبية عن محل الكلام وهو إثبات الإباحة الظاهرية لما شك في حرمته بعد ورود الشرع وقد حكم فيه بحرمة أشياء وحلية غيرها.
ولكن : الحق مع الشيخ (قدِّس سره) وان شيئا مما أفاداه لا يتم وقبل بيان ما ذكره المحققان وتوضيحه وبيان ما يرد عليهما ، لا بد من تقديم مقدمة.
وهي ان الإباحة لها أقسام ومعان :
احدها : اللاحرجية الأصلية في قبال الحظر العقلي من جهة كونه عبدا مملوكا ، ـ وبعبارة أخرى ـ الإباحة المالكية.
ثانيها : الإباحة الواقعية الشرعية الناشئة عن لا اقتضائية الفعل لخلوه عن المصلحة والمفسدة أو عن تساويهما.
__________________
(١) كفاية الأصول ص ٣٤٢.
(٢) أجود التقريرات ج ٢ ص ١٨٢ ، وفي الطبعة الجديدة ج ٣ ص ٣١٧.