ويرده ان الفعل وان كان يكشف عن سوء السريرة وخبث الباطن ، إلا انه لا يكون المنكشف قبيحا عقلا ، وان كان موجبا لاستحقاق اللوم كسائر الصفات والأخلاق الذميمة ، وعلى فرض تسليم قبحه قبح المنكشف لا يوجب قبح الكاشف كما ان حسنه لا يوجب حسن الكاشف.
ثانيهما : ان تعلق القطع بقبح فعل وحرمته ، يوجب تعنون الفعل المقطوع قبحه بعنوان قبيح ويصير قبيحا ، سواء كان ذلك القطع مخالفا للواقع أم موافقا له.
وأنكر ذلك جماعة منهم المحقق الخراساني في الكفاية (١) قال : ولكن ذلك مع بقاء الفعل المتجرى به أو المنقاد به على ما هو عليه من الحسن أو القبح والوجوب أو الحرمة واقعا ، بلا حدوث تفاوت فيه : بسبب تعلق القطع بغير ما هو عليه من الحكم والصفة ولا يغير حسنه أو قبحه بجهة أصلاً انتهى.
وقد ذكر في الاستدلال له بما محصله يرجع إلى أمور أربعة :
الأول : ان العلم المرآتي المتعلق بالفعل ، لا يكون مؤثرا في صفة الفعل ، بان يغيره عما هو عليه ، وان قلنا ان الحسن والقبح يعرضان للفعل بالوجوه والاعتبار ، بداهة انه ليس كل وجه واعتبار يغير صفة الفعل ، والوجدان أقوى شاهد عليه ، وحال العلم في ذلك حال البصر في المبصرات ، فكما ان البصر لا يؤثر في المبصر ، كذلك العلم لا يؤثر في المعلوم.
وبعبارة أخرى : ان لا واقع للحسن والقبح عقلا ، ولا لكون شيء وجها
__________________
(١) كفاية الأصول ص ٢٥٩ ـ ٢٦٠.