الوجه الثاني من تقريب حكم العقل :
هو ما ذكره بعضهم (١) من استقلال العقل بالحظر في الأفعال غير الضرورية قبل الشرع ، ولا اقل من الوقف ، إذ هو في مقام العمل مثل الحظر فيعمل به ، حتى يثبت من الشرع الإباحة ، ولم يرد الإباحة فيما لا نص فيه ، وما دل على الإباحة على تقدير تسليم دلالته معارض بما ورد من الأمر بالتوقف والاحتياط فالمرجع هو الأصل.
ويرد عليه ، أولا : ان الأصل في الأشياء قبل الشرع هو الإباحة دون الحظر كما ذهب إليه الأكثر.
وثانيا : انه قد مر ثبوت الترخيص فيما لا نص فيه ، وعدم معارضته بما دل على التوقف أو الاحتياط.
وأجاب عنه المحقق الخراساني (ره) (٢) بجوابين آخرين وتبعه غيره.
أحدهما : انه لاوجه للاستدلال بما هو محل الخلاف والإشكال ، وإلا لصح الاستدلال على البراءة بما قيل من كون تلك الأفعال على الإباحة.
وفيه : ان مناط الحظر وهو عدم ثبوت الإذن موجود فيما هو محل الخلاف ، واما مناط الإباحة فليس كذلك ، فان عدم المنع عن فعل علم عدم ورود المنع
__________________
(١) ذكره في الكفاية ص ٣٤٧ (وربما استدل بما قيل ..) والظاهر انه للشيخ الأعظم في فرائد الأصول ج ١ ص ٣٥٥ وهو الوجه الثاني من وجوه تقرير الدليل العقلي على الاحتياط وقد نسبه إلى طائفة من الإمامية.
(٢) كفاية الأصول ص ٣٤٨.