ثانيهما : ما عن المحقق النائيني (ره) (١) وهو انه وان اخترنا في باب التزاحم ان الأصل هو التعيين ، إلا ان الأصل في المقام هو التخيير ، وذلك لأنه في باب التزاحم ، تارة يكون لكل من دليلي الحكمين إطلاق ، وأخرى لا يكون لشيء منهما ذلك.
أما في الصورة الأولى فحيث ان التزاحم إنما ينشأ من إطلاق كل من الخطابين لحال الإتيان بمتعلق الآخر مع عدم قدرة المكلف على الجمع بينهما ، فلا بد من سقوط أحد الاطلاقين ، فان كانا متساويين سقط الاطلاقان ، لبطلان الترجيح بلا مرجح ، فيقيد كل منهما بعدم الإتيان بالآخر ، وهذا معنى التخيير.
وإذا كان أحدهما أهم سقط إطلاق الآخر وبقى إطلاقه.
ولو احتمل الأهمية فحيث ان سقوط إطلاق غيره معلوم على كل حال ، ويشك في سقوط إطلاق محتمل الأهمية ، وكلما شك في سقوط إطلاق يؤخذ به ، وعليه فيحكم بالتعيين.
وأما في الصورة الثانية ، فلان ثبوت كل من الحكمين كاشف عن اشتمال متعلقه على الملاك الملزم.
وعليه فان كانا متساويين ، جاز بحكم العقل تفويت كل منهما باستيفاء الآخر ، ولو كان أحدهما أهم لم يجز تفويته خاصة ، ولو احتمل الأهمية فيشك في جواز تفويت ملاكه باستيفاء الآخر مع القطع بجواز تفويت الآخر باستيفائه ،
__________________
(١) مصباح الأصول ج ٢ ص ٣٣٣ / أجود التقريرات ج ٢ ص ٢٢٠. وفي الطبعة الجديدة ج ٣ ص ٣٨١.