عدم مخالفة المولى في الكبائر تعين التفصيل المزبور ، وان فسرناها بفعل الواجبات وترك المحرمات لم يكن المتجري فاسقا لأنه لم يرتكب الحرام.
التنبيه الثالث : أفاد صاحب الفصول (ره) (١) ان قبح التجرِّي لا يكون ذاتيا ، بل يختلف بالوجوه والاعتبار ولذلك تقع المزاحمة بين محبوبية الفعل في الواقع ، إذا قطع بحرمة ما هو واجب واقعا ، فربما يتساويان ، وربما يكون ملاك الوجوب أقوى ، فالتجري حينئذ مضافا إلى عدم قبحه يكون حسنا ، وربما يكون ملاك قبح التجرِّي أقوى فيكون قبيحا.
والحق ان يقال انه تارة يقع البحث فيما أفاده على القول بعدم حرمة الفعل المتجري به وكونه قبيحا فقط.
وأخرى يقع البحث على القول بحرمته.
أما على الأول فما يتوهم مزاحمته للقبح أمران :
الأول : حسن الفعل ان كان واجبا.
الثاني : وجوبه.
أما الأول : فهو لا يصلح للمزاحمة : لان العنوان الحسن ، أو القبيح ، ما لم يلتفت إليه ولم يقصد ، لا يوجب حسن الفعل أو قبحه ، وحيث ان المتجري لا يرى حسن الفعل فلا يقصد العنوان الحسن فلا يصلح ذلك لمنع تأثير ما يقتضي القبح وهو عنوان التجرِّي والهتك.
__________________
(١) الفصول الغروية ص ٤٣١.