موضوعه ، إلا ان العلم لا يتوقف على شخص هذا الحكم بل على ماهية الحكم لاستحالة تقوم العلم بما هو خارج عن افق النفس ، وليس العلم إلا وجود الماهية في النفس ، والوجود لا يقبل وجودا آخر.
فالحق ان يستدل لامتناعه بوجهين آخرين.
أحدهما : لزوم الخلف في نظر المكلف ، حيث انه يرى علمه كاشفا عن الواقع ، والواقع منكشفا لديه ، فيفرض قبل تعلق العلم حكما ، ويرى علمه متعلقا به ، فلو كان التكليف متأخرا عن العلم لزم الخلف في نظر المكلف ، وان لم يكن العلم في الواقع متوقفا على المعلوم بالعرض.
ثانيهما : ما ذكره بعض المحققين ، وهو ان فرض تعلق الوجوب مثلا بالعلم به فرض مدخلية العلم في المتعلق ، وعدم كون المتعلق طبيعي فعل المكلف كالصلاة ، وفرض العلم بوجوب الصلاة فرض تعلقه بطبيعيِّها وهما لا يجتمعان.
ثم ان المحقق النائيني (١) التزم بإمكان اخذ العلم بالحكم في موضوع نفسه بنتيجة التقييد ـ بدعوى ـ ان العلم بالحكم لما كان من الانقسامات الثانوية للحكم فلا يمكن ان يكون الدليل المتكفل لبيان الحكم مطلقا بالاضافة إليه ولا مقيدا بل يحتاج إلى متمم الجعل وذلك المتمم ربما يوجب الإطلاق ، وربما يوجب التقييد ، كما في مورد الجهر والاخفات ، والقصر والإتمام ، حيث قام الدليل على اختصاص الحكم في الموردين بالعالم.
__________________
(١) راجع فوائد الأصول للنائيني ج ٣ ص ١١ ـ ١٢.