أما القسم الأول : فالحق مع المنكرين للملازمة بحسب الغالب ، وذلك لعدم إحاطة عقول البشر بملاكات الأحكام ومناطاتها : إذ لعل المصلحة المدركة مزاحمة بمفسدة في موردها ، ولاجلها لا يصلح لمنشئية جعل الوجوب ، أو ان هناك مانعا آخر ، عن جعل الوجوب.
وعليه فلا يمكن استكشاف الحكم الشرعي ، ولكن إذا فرضنا في مورد العلم بثبوت الحكم الشرعي فيه ، قد مر انه ليس للشارع النهي عن العمل به.
واما القسم الثاني : فإدراك الحسن والقبح ، إنما يكون لدرك المصلحة والمفسدة ، أو لامر الشارع ونهيه ولا ثالث ، وعلى الأول يدخل في القسم الأول ، وعلى الثاني لا يصلح لمنشئية جعل الوجوب والحرمة لكونه في طولهما وقد تقدم تفصيل القول في ذلك فراجع.
واما القسم الثالث : فاستكشاف الحكم الشرعي فيه لا ينكر مثلا يستكشف وجوب المقدمة من حكم العقل بالملازمة بين وجوب ذي المقدمة ووجوب مقدمته ، بضميمة وجوب ذي المقدمة.
بقى في المقام أمران :
الأمر الأول : انه قد يتوهم ان جملة من النصوص الكثيرة تدل على المنع عن العمل بالأحكام الشرعية ما لم يتوسط تبليغ الحجة إياها.
ولكنه فاسد ، فإنها ما بين طوائف :
الأولى : ما تدل على المنع عن العمل بالقياس والاستحسانات والاعتبارات الوهمية كما عليه العامة.