شأنه في حكمه بوجوب الاطاعة وحرمة المعصية (١). وصحة نصبه الطريق وجعله في كل حال بملاك يوجب نصبه وحكمة داعية إليه ، لا تنافي
______________________________________________________
والى هذا اشار بقوله : «كان حكم الشارع فيه» أي في الظن بالامر به «مولويا بلا ملاك يوجبه» فان الملاك فيه هو جعل الداعي وقد أمر العقل به ، وجعل الداعي من قبله بموجب ادراكه للعبد بان يطيع بالاطاعة الظنيّة فلا مجال حينئذ لامر المولى بهذا الداعي.
ثم لا يخفى ان جملة «كان حكم الشارع فيه» هي جواب «لما كان» ، وهي بمنزلة الخبر ايضا للمبتدا المتقدم وهو «اقتصار المكلف بما دونها».
(١) لا يخفى انه كلما كان للعقل استقلال في حكم من الاحكام وورد من الشارع حكم على وفق امر العقل وحكمه ، فلا بد وان يكون الداعي لامر المولى هو الارشاد الى حكم العقل ، لعدم المجال لكون امره بذلك مولويا ، لما عرفت من ان الغرض من الامر المولوي هو جعل الداعي ، ومع امر العقل وجعله للداعي لا يبقى مجال لجعل الداعي من المولى ، وهذا احد الاسباب في ما اشتهر من ان اوامر الاطاعة ارشادية كقوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ)(١)(وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ)(٢) لعدم معقولية كونها مولوية ، لادراك العقل لزوم اطاعة امر المولى وحرمة معصيته ، ومع ادراكه لزوم الاطاعة وحرمة المعصية يكون قد جعل الداعي للعبد الى الاطاعة ويكون قد نهى عن المعصية ، فلا مجال لامر المولى مولويا بوجوب اطاعته وحرمة معصيته ، ولا بد ان يكون الداعي له هو الارشاد الى ما حكم به العقل ، ولذا قال (قدسسره) : «ولا بأس به» أي ولا باس بكون الامر باتباع الظن في حال الانسداد «ارشاديا كما هو شانه في حكمه» أي الشارع «بوجوب الاطاعة وحرمة المعصية» كذلك ، ولا يخفى ان الاطاعة الظنية في حال الانسداد احد مصاديق حرمة المعصية.
__________________
(١) النساء : الآية ١.
(٢) الانفال : الآية ٤٦.