وفي حديث آخر : «لا يأتمر رشدا» (١) أي لا يأتي برشد من ذات نفسه. وقال القتيبيّ : أحسبه من الأمر ، كأنّ نفسه أمرته فائتمر. وقال أبو عبيد في قول امرىء القيس (٢) : [من المتقارب]
ويعدو على المرء ما يأتمر
يفعل الشيء (٣) من غير رويّة ولا تثبّت فيندم.
والأمارة بفتح الهمزة بمعنى العلامة ، وفي الحديث : «هل لك من أمارة»؟ (٤) والأمار جمعها ، نحو مرّة ومرّ (٥). والإمارة بالكسر مصدر كالولاية مع أنه سمع الفتح والكسر في المصدر. وقد قرىء (٦) : (الْوَلايَةُ لِلَّهِ)(٧) و (مِنْ وَلايَتِهِمْ)(٨) بالوجهين. وقوله : (وَأُولِي الْأَمْرِ)(٩) قيل : هم الأمراء في زمنه عليه الصلاة والسّلام ، وقيل : هم الأنبياء عليهمالسلام. وقيل : العلماء. وقيل : الآمرون بالمعروف. وقيل : أهل الدين المطيعون لله من الفقهاء قاله ابن عباس. وهذا كلّه محتمل ، قال الراغب : وجه ذلك أن أولي الأمر (١٠) الذين يرتدع [بهم](١١) الناس هم أربعة : الأنبياء وحكمهم على ظاهر العامّة والخاصّة وعلى باطنهم. والولاة وحكمهم على ظاهر الكافّة دون باطنهم. والحكماء
__________________
(١) النهاية : ١ / ٦٦.
(٢) وصدره :
أحار بن عمرو كأني خمر
يعزو ابن منظور البيت إلى النمر بن تولد ، ولم يرد في ديوانه ، بينما ورد في ديوان امرىء القيس : ١٠٩.
(٣) كذا في س ، ويؤيده الغريبين : ٨٣ ، واللسان. وفي ح : الأشياء.
(٤) وروي : «فهل للسفر أمارة».
(٥) الكلمتان غير واضحتين في الأصل ، وصوبناهما من اللسان.
(٦) قرأ أبو عمرو بفتح الواو وقرأ الكسائي بكسرها (المبسوط : ٢٧٨).
(٧) ٤٤ / الكهف : ١٨.
(٨) ٧٢ / الأنفال : ٨.
(٩) ٥٩ / النساء : ٤.
(١٠) في الأصل : الناس.
(١١) إضافة من مفردات الراغب : ٢٤.