آياتِهِ)(١)(وَمِنْ آياتِهِ)(٢) أي عجائب مصنوعاته. فهي أدلّ على وحدانيته. وقوله : (يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ)(٣) أي في دلالات أنبيائه وكتبه الواضحات.
والآية من القرآن اختلفت عبارات الناس فيها ، فقال الهرويّ : سميت الآية من القرآن آية لأنّها علامة يقطع بها كلام من كلام. وقيل : لأنها جماعة من حروف القرآن ، يقال : خرج القوم بآيتهم أي بجماعتهم. وقال الراغب : ولكلّ جملة من القرآن دالّة على حكم آية سورة كانت أو فصلا أو فصولا من سورة ، وقد يقال لكلّ كلام منه تامّ منفصل بفصل لفظيّ [آية](٤). وعلى هذا اعتبار آي السور التي تعدّ بها السورة (٥). قلت : وكأن الآية في الأصل عنده ما دلّت على حكم ، وإطلاقها على الآية الإصطلاحية التي بها السورة خلاف الأصل ، وفيه نظر ، إذ عبارة الناس تشعر بالعكس. ثم إنّه جعل الآية شاملة للسورة.
قوله : (بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ)(٦) وفي قوله : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ)(٧) إشارة إلى الآيات المعقولة التي تتفاوت بها المعرفة بحسب تفاوت الناس في العلم. وقال تعالى : (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ)(٨) تنبيه (٩) على أنّ كلّ واحد منهما آية لما فيه من الدّلالة الباهرة والبراهين الظاهرة ، وفي مجموعهما آيات كثيرة. وهذا بخلاف قوله : (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً)(١٠) حيث لم يثنّهما (١١) ، قالوا : لأنّ كلّ واحد منهما آية للأخرى. وقيل : لأن قصّتهما واحدة ، قاله ابن عرفة وقال الأزهريّ : إنّ الآية فيهما معا آية واحدة ، وهي الولادة دون الفحل. قلت : وهذا هو شرح القول الأول.
__________________
(١) ٧٣ / البقرة : ٢.
(٢) ٢٠ / الروم : ٣٠ ، وغيرها.
(٣) ٣٥ / غافر : ٤٠.
(٤) إضافة يقتضيها المعنى.
(٥) وفي الأصل : نعدّها سورة.
(٦) ٤٩ / العنكبوت : ٢٩.
(٧) ٧٧ / الحجر : ١٥.
(٨) ١٢ / الإسراء : ١٧.
(٩) ساقطة من س.
(١٠) ٥٠ / المؤمنون : ٢٣.
(١١) أي لم يقل آيتين.