وفي حديث عليّ رضي الله عنه : «كان إذا نزل به إحدى المبهمات» أي المسائل المشكلة. وفي حديث ابن عباس وقد سئل عن قوله تعالى : (وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ)(١) ولم يبيّن أدخل بها الابن أم لا ، فقال : أبهموا ما أبهم الله. قال الهرويّ : سمعت الأزهريّ (٢) يقول : رأيت كثيرا من أهل العلم يذهبون بهذا إلى إبهام الأمر واستبهامه ، وهو إشكاله ، وهو غلط.
وقوله تعالى : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ) إلى قوله : (وَبَناتُ الْأُخْتِ)(٣) هذا كلّه يسمّى التّحريم المبهم لأنه (٤) لا يحلّ بوجه ، كالبهيم من ألوان الخيل الذي (٥) لا (٦) شية فيه تخالف معظم لونه. ولما سئل ابن عباس عن قوله عزوجل (وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ)(٧) ولم يبيّن الله الدخول بهنّ ، أجاب فقال : هذا من مبهم التّحريم الذي لا وجه فيه غير التحريم سواء دخلتم بالنساء أولم تدخلوا بهنّ ، فأمّهات نسائكم حرّمن عليكم من جميع الجهات.
وأمّا قوله تعالى : (وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَ)(٨) قال ثابت : ليس هذا من البهمة لأنّ لهنّ وجهين أحللن في أحدهما وحرّمن في الآخر. فإذا دخل بأمهات الرّبائب حرّمن (٩) ، وإذا لم يدخل لم يحرمن ، فهذا تفسير المبهم الذي أراد ابن عباس فافهم (١٠).
__________________
(١) ٢٣ / النساء : ٤.
(٢) كذا في النهاية ، وفي الأصل : الزهري. كما رواه الهروي في الغريبين : ١ / ٢٢٨.
(٣) ٢٣ / النساء : ٤.
(٤) ساقطة من ح.
(٥) كذا في س ، وفي ح : التي.
(٦) ساقطة من ح.
(٧ و ٨) تابع الآية السابقة.
(٩) أي حرمت الربائب.
(١٠) انتهى هنا كلام الأزهري ، انظر النهاية : ١ / ١٦٨ ، والغريبين : ١ / ٢٢٨.