وللثّالث : إمّا على الانتقاض في التّبدّل العلمى : فبكونه مقتضى الأدلّة الواقعيّة المبيّنة للآثار والأحكام واقعاً من غير تقييد بشىء ، وإمّا على عدمه في التبدّل الظنّى :
فبعدم دليل على حجّيّة الظّنّ الثّانى بالنّسبة إلى ما وقع من الوقائع السّابقة ، مضافاً إلى دليل نفى الحرج.
وللرّابع : بما عرفت على كلّ من الشّقّين في طىّ كلام القائل به.
إنّما الكلام في بيان وجه المختار ؛ حتّى يتّضح به حقيقة الحال ويظهر به فساد حجج سائر الأقوال ، ولمّا كان الوجه للنّقض في صور التّبدّل المذكورة في كلامهم في المسألة مختلفاً ، فلا بدّ من تفكيكها في العنوان.
فنقول : أمّا التّبدّل العلمى سواء كان مستند الرّأى الأوّل العلم ، أو الظّن المعتبر ، أو الأصل ، فالكلام في انتقاضه وعدمه مبنىّ على مسألتى كفاية الحكم العقلى الخيالى التّوهّمى هو الظّاهر الشّرعى عن الواقع ، وقد أسمعناك عدم كفايتهما.
وأمّا التّبدّل الظّنّى ، من غير فرق فيه بين أقسام مستند الرّأى الأوّل ، فمقتضى القواعد لزوم النّقض فيه بالنّسبة إلى ما يمكن نقضه من الآثار مطلقاً ، من غير تفصيل بين الشّقوق المذكورة في كلمات المفصّلين في المسألة ، وتوضح وجهه وبيانه يتوقّف على تقديم مقدّمة مشتملة على امور : الأوّل : في بيان مفاد الطّرق الشّرعيّة والحكم الظّاهرى المتعلّق بها.
فنقول : لا إشكال في كون نفس الطّريق حاكية عن الحكم الواقعي النّفس الأمرى ومتعلّقة به من حيث هو ، كالعلم المتعلّق بالواقع ، فلا يعقل الفرق فيه بين الوقائع الماضية والحاليّة والمستقبلة.
نعم ، صيرورته حكماً للمكلّف إنّما هو بملاحظة دليل اعتبار الطّريق والأمارة من حيث الظّن بالواقع أو عدم العلم به ، وهذا بخلاف العلم على ما حقّقناه ، فهذا هو الفارق بينهما ليس إلَّا ، فصيرورة مفاد الأمارة حكماً للمكلّف إنّما هى بملاحظة دليل اعتبارها.