للمجتهد في مرحلة الظّاهر وإن كانت بعد قيام الأمارة ، إلَّا أنّه بعد قيامها يجب عليه ترتيب ما هو الكبرى لهذا المظنون في مرحلة الظاهر بجميع ما يترتّب عليه من اللّوازم من أوّل الأمر.
وهذا كما ترى لا ينافى ما جرى على لسان غير واحد من المتأخّرين من ثبوت التّصويب في الأحكام الظّاهريّة على مذهب التخطئة ، فإنّا نقول بأنّ الحكم الظّاهرى في حقّ من ظنّ عدم جزئيّة الجلسة هى الصلاة بدونها ، ولذا قلنا في ما أسمعناك بكون الإجزاء بحسب هذا الأمر في حقّه عقليّاً ، كالإجزاء بحسب الأمر الواقعي في حقّ من أتى بمقتضاه ، وإنّما الكلام في كفاية سلوكه والعمل بمقتضاه عن الواقع الّذي أدّت الأمارة إليه في ثانى الحال ، وإن كنت مرتاباً فيما ذكرنا فقس حال الأمارة القائمة على الأحكام عند تبدّلها على الأمارة القائمة على الموضوعات عند تبدّلها ، فإذا كانت يد زيد على شيء فيحكم بملكيّته له بحسب يده ، ويترتّب عليه جميع ما للملكيّة من الآثار في حقّه في مرحلة الظّاهر ، فإذا قامت البيّنة هناك على كونه ملكاً لعمرو وأنّ يد زيد كانت غصباً ، يحكم بعد قيام البيّنة بكونه ملكاً لعمرو من أوّل الأمر وفي زمان كونه في يد زيد ، كما إذا علمنا بكونها يد غصب مع حكمنا بملكيّة زيد بمقتضى يده ، فنحكم في زمان العلم بالغصبيّة بأنّ مقتضى الحكم الظّاهرى الحكم بملكيّته قبل تبيّن حالها ، لا أنّ الحكم في مرحلة الواقع والثّابت في نفس الأمر هو ملكيّته لزيد قبل قيام البيّنة على ما ملكيّته لعمرو ، أو العلم به ، كيف ، وهو مناف لبطلان التّصويب ، سيّما في الموضوعات الّتي اتّفق الفريقان على بطلانه فيها؟ فقد تبيّن ممّا حقّقناه أنّه لا مساسة للمقام بالنّسخ أصلاً ، حتّى في ما يتعيّن أخذه من الفتوى ، كالعبادات بالتّقريب الّذي عرفت ، فضلاً عن غيره حيث إنّه يحكم بعد النّسخ بكون المنسوخ حكماً واقعيّاً بالنّسبة إلى الزّمان الذى أتى به وعمل بمقتضاه ، لا حكماً ظاهريّا بالنّسبة إليه ، وهذا بخلاف المقام ، فالقياس والتّنظير في غير محلّه.
نعم ، هو حكم ظاهرىّ بالنّسبة إلى غير الزّمان المذكور ، من حيث اقتضاء دليله في