مرحلة الظّاهر بحسب عمومه الدّوام والثّبوت ، وهذا ممّا يقطع بثبوته بعد النّسخ أيضاً ، فعلى القائس (١) أن يقيس المقام بالدّوام الظّاهرى الثّابت في مورد النّسخ ، لا بالثّبوت الواقعي الثّابت للمنسوخ بالنّسبة إلى الزّمان الذى عمل به ، كما أنّه تبيّن منه أنّ الاضافة إلى شخص أو أشخاص أو عدمها لا تعلّق لهما بحقيقة الحكم الظّاهرى ، ولا توجب فرقاً وتأثيراً فيها أصلاً ، مع أنّه قد يكون للموضوع الثّابت في حقّ شخص أو شخصين أحكام كثيرة في حقّ غيرهم ، كما في الزّوجيّة والبينونة وغيرهما.
الثّانى : انّه إذا قام الطّريق الشّرعى على ثبوت شيء ، من غير فرق بين موارد قيامه من حيث العبادة والأحكام ، فللشّك فيه صور وأقسام : فإنّه قد يشكّ بعد ثبوت مقتضاه في الشّرع في بقائه ونسخه ، وقد يشكّ في بقائه مع القطع بعدم نسخه من جهة وجود ما حكم في الشّرع بكونه رافعاً ومزيلاً له ، كما إذا شكّ في تحقّق ذهاب الثّلاثين بالنّار في العصير العنبى بعد الغليان الّذي قامت الأمارة على نجاسته ، أو من جهة الشّكّ في رافعيّة الموجود من جهة الشّبهة الحكمية أو الموضوعيّة ، وكما إذا شكّ في بقاء الزّوجيّة من جهة وجود الطّلاق أو كون الموجود طلاقاً ، وقد يشكّ في وجود مقتضاه من جهة قيام أمارة معتبرة أقوى منها على خلافها أو جبت تبدّل رأى المجتهد ، كما إذا قامت على عدم تأثير النّكاح بالفارسى ، أو اعتبار إذن الوليّ في صحّة نكاح البكر في ما وقع النّكاح بالفارسى أو بدون إذن الوليّ ، أو قامت على عدم تأثير الغليان في النّجاسة ... وهكذا ؛ فهذه أقسام لا مزيد عليها في الأحكام.
كما يجرى بالنّسبة إلى الموضوعات أيضاً بعد قيام الأمارة على ثبوت موضوع ، فإنّه بعد قيام الأمارة كالبيّنة مثلاً على نجاسة شيء ، قد يشكّ من جهة الشّكّ في نسخ حجّيّة البيّنة ، وقد يشكّ من جهة الشّكّ في طروّ (٢) المطهّر الشرعى بأقسامه الّتي عرفتها ، وقد يشكّ في أصل ثبوت النّجاسة من جهة قيام بيّنة اخرى أقوى من بيّنة
__________________
(١) في النسخة : المقيس.
(٢) في النسخة : طريان.