اللباس الذي يحكم العقل فيه بعدم القناعة ، باحتمال وجود شرط المأمور به ، فالاعتبار النفس الامري من محقّقات موضوع حكم العقل ، لا من الادلة على فساد الصلاة مع الشك ، حتى يتوجّه المعارضة المذكورة.
وأمّا الثالث : فلم يعهد من غير المحقق القمي قدسسره ولم ينقل من احد ولا بدّ للعلم بحال الدّعوى المذكورة صدقاً وكذباً ، من نقل أخبار المسألة ، غير ما رواه عبد الله بن بكير (١) ؛ فانّه اعترف بعدم صراحته في الاختصاص ، وإن جعل النراقي سبيلها سبيل سائر الأخبار ، فيما تقدم من كلامه.
فمنها : ما رواه الحسن بن عليّ الوشاء ، قال : «كان أبو عبد الله عليهالسلام يكره الصلاة في وبر كلّ شيء لا يؤكل لحمه» (٢).
ومنها : ما رواه احمد بن اسحاق الابهري ، قال : «كتبت اليه جعلت فداك ، عندنا جوارب وتكك ، تعمل من وبر الأرانب ، فهل يجوز الصلاة في وبر الأرانب من غير ضرورة ولا تقيّة؟ فكتب : لا يجوز الصلاة فيها» (٣).
ومنها : ما رواه ابراهيم بن محمّد الهمداني ، قال : «كتبت اليه ، يسقط على ثوبي الوبر والشعر ممّا لا يؤكل لحمه من غير تقيّة ولا ضرورة؟ فكتب : لا يجوز الصلاة فيه (٤). وهذه الأخبار كما ترى ، لا إشعار لها بالاختصاص فضلاً ، عن الدلالة فضلاً ، عن الصراحة ، فلعلّ مراده من صراحتها ، سوقها في مقام الطلب لا الوضع كالموثقة ؛ فلا بدّ من تنزيلها على صورة العلم فيرجع إلى الوجه الرابع حقيقة ، فهذا الوجه كما ترى أيضاً لا محصل له ، هذا مضافاً إلى أن تنزيل أخبار الباب على صورة العلم ، ينافى ما جزم به في المقام الثاني ، من وجوب الفحص عن حال الموضوع المردّد ، فتأمّل.
وأمّا الرابع : فيتوجّه عليه ، مضافاً إلى أنّ بعض اخبار الباب كالموثّقة صريح في
__________________
(١) وسائل الشيعة ٣ : ٢٥ ب ٢ من أبواب لباس المصلي ح ١.
(٢) علل الشرائع ٢ : ٣٤٢ / ٢ باب ٤٣.
(٣) الكافي ٣ : ٣٩٩ / ٩ ، التهذيب ٢ : ٢٠٦ / ٨٠٦ ، الاستبصار ١ : ٣٨٣ / ١٤٥١.
(٤) التهذيب ٢ : ٢٠٦ / ٨٠٥ ، الاستبصار ١ : ٣٨٣ / ١٤٥٢.