ومن أين هذا رأي دليل عليه وبالجملة الترتب في الاقتضاء مع وحدة المقتضي يحتاج ثبوته إلى دليل ومجرّد الاحتمال لا يجدي ، بعد توقيفيّة الأحكام الشّرعيّة.
وثالثاً : أنّ الرّجحان ، قبل دخول الوقت بالذّات ، لا يلازم الرجحان للغاية الواجبة ، حتّى يستنتج منه الوجوب التّخييريّ الغيري للغاية الواجبة ، كما هو المفروض.
هذا والّذي ينبغي تحرير المقام به على ما يساعده نظري القاصر. أن يقال : أنّ الواجب الغيريّ ، على ما يستكشف من نفس دليل نفي الحرج ومن الخارج ، بل الوجدان ، لا ينقلب من جهة تعسره عمّا هو عليه ، من الجهة والرّجحان الذّاتي والحسن. غاية ما هناك إلقاء الشارع ، لتلك الجهة ، من حيث اقتضائها للإلزام ، من جهة رعاية العنوان الأهمّ في نظره ، فرجحان الفعل وحسنه موجودان في موارد الحرج من غير أن يعنون بعنوان آخر من الطّلب ، كالوجوب التّخييري والاستحباب ، وهذا المقدار من الرجحان للفعل ذاتاً يكفي ، للحكم بصحّة العبادة ؛ لعدم توقفها على أزيد من ذلك من الطلب بقسيمه.
ومن هنا حكموا بصحّة العبادة في موارد لا يوجد فيها الوجوب والاستحباب ، كالوضوء بعد دخول الوقت ، قبل فعل الواجب ، للغايات المستحبّة ، مع أنّه بعد الوقت لا يكون إلّا واجباً وكذا الوضوء لها عند ضيق الوقت ، للوضوء للصلاة ، بحيث يكون مأموراً بالتّيمم على القول بعدم اقتضاء الأمر بالشيء النّهي ، عن ضدّه الخاصّ ، على ما حقّقناه في محلّه ومثل العبادات الواجبة في حقّ المميّزين على القول بشرعيّتها وصحّتها في حقّهم ، كما اختاره المحقّقون على القول بعدم استفادة الأمر النّدبي من أمر الأولياء إيّاهم بالعبادات وكالعبادات مع الإخلال ببعض ما يعتبر فيها ، سهواً ، إذا لم يكن من الأركان ، أو بالإخلال بالقصر جهلاً في حقّ المسافر ، أو بكلّ من الجهر والإخفات جهلاً ، إلى غير ذلك.
فإنّ المصحّح في الجميع ليس إلَّا فعل ما يكون واجباً بالذات بداعي كونه كذلك