اختلاف الحكمين في الرأي ، فالظاهر انطباقها مع المقبولة من حيث كون النزاع من جهة الجهل بالمسألة والرجوع إلى العدلين من جهة رفع الجهل ، فالمراد من الحكم الّذي اختلف فيه العدلان هو المجعول للقضية المنطبق على الفتوى لا الحكم بمعنى الإنشاء والإلزام فلا تنطبق على المقام كالمقبولة. وحمله على بيان المرجع للقضاء فيما إذا علم اختلاف المجتهدين في الرأي بالفحص قبل الرجوع أو بعده بجعله كاشفاً عن تحقّق الاختلاف وعدمه لا أن يكون في نفسه جائزاً حتّى ينافي قواعد القضاء الغير المجامعة لتعدّد الحكومة ، كما ترى. فمفاده كالمقبولة لزوم الترجيح بالأوصاف في باب التقليد لا القضاء. ودعوى عدم الفصل بين البابين قد عرفت ما فيها.
هذا بعض الكلام فيما ورد من الأخبار وبيان المراد منها وإذ قد عرفت ما يستفاد منها فلنصرف العنان إلى ما عاهدنا من ذكر وجوه أقوال المسألة.
فنقول : استدلّ للقول بتعيّن قضاء الأعلم بوجوه : الأوّل : الأصل ، حيث إنّ مقتضاه سيّما على القول بكون القضاء منصباً حسبما يقتضيه كلامهم ودلّ عليه غير واحد من الأخبار (١) على ما أسمعناك عدم جواز قضاء المفضول وعدم نفوذه ولا يزاحمه استصحاب جوازه فيما فرض سبق التفاوت بالفضل بالعلم بالتسوية ، المتمّم بعدم الفصل في غير الفرض ، لعدم جريان الاستصحاب بعد فقد الموضوع. فإن شئت قلت :
الحكم بالتخيير بين المتساوين مترتّب على التساوي ولا أقل من الشك في ترتّبه عليه فلا يجري استصحابه مع ارتفاع التساوي لاشتراط العلم ببقاء الموضوع في التمسّك بأخبار الاستصحاب.
الثاني : قبح التسوية بين الفاضل والمفضول كقبح ترجيح المفضول على الفاضل.
ومن هنا تمسّكوا بهذه القاعدة العقلية في مسألة الخلافة الكبرى على تقدير كون النصب من الخالق.
__________________
(١) راجع الكافي : ١ / ٦٧ ٦٨ ، ٧ / ٤١٢ ؛ كتاب من لا يحضره الفقيه : ٣ / ٢ ٣ ، ٨ ١٠ ؛ تهذيب الأحكام : ٦ / ٢١٨ ٢١٩ و ٣٠١ ؛ وسائل الشيعة : ٢٧ / ١٣ ١٤ ، ١٠٦ ، ١١٣.