وممّا ذكرنا كلّه يظهر الكلام في مسألة أخرى وهي أنّه هل يجوز للفقيه الجامع لشرائط الحكومة والفتوى المنصوب من الإمام عليهالسلام في زمان الغيبة نصب العامي العارف بمسائل القضاء من رأيه للحكومة بين النّاس ، أو توكيله في ذلك بعد البناء على عدم جوازها له ابتداءً واشتراط الملكة في القاضي كما هو المشهور بين الأصحاب قديماً وحديثاً وإن مال بعض مشايخنا في شرحه (١) إلى الجواز ، بل قال به كما يظهر لمن راجع الكتاب المسطور أو لا يجوز له ذلك؟ وجهان ، ظاهر الأصحاب الأوّل [الثاني] والمحكي عن المحقق القمي قدسسره في أجوبة مسائله (٢) الميل إلى الثاني [الأوّل] وهو صريح بعض مشايخنا في شرحه (٣) بالنسبة إلى التوكيل إن لم يكن إجماع على خلافه ، لعموم دليل الوكالة.
وجه الأوّل [الثاني] ظاهر بعد فرض اعتبار ملكة الاجتهاد في القاضي كما هو المفروض ، وإلّا كان العامي العارف بالمسائل عن تقليد في عرض العالم عن ملكة ، كالفاضل والمفضول على القول بعدم الفرق بينهما ، فلا معنى لنصب العامي. بل على القول باعتبار المعرفة النظرية لا مورد لنصب الإمام عليهالسلام العامي فضلاً عن نصب المجتهد ، مع أنّه على تقدير جواز النصب له عليهالسلام يمكن منعه بالنسبة إلى المجتهد من جهة منع عموم المنزلة كما أسمعناك بالنسبة إلى جواز نصب المفضول للفاضل على القول بالترجيح بينهما. هذا بالنسبة إلى النصب.
وأمّا التوكيل ، فلا مجال له بعد اعتبار الاجتهاد في القاضي كما هو المفروض ، لأنّ دليل الوكالة لا يكون مشرّعاً ، هذا.
وإن شئت قلت أوّلاً : إنّه ليس في باب الوكالة ما يقتضي بعمومه كون كلّ فعل قابلاً للنيابة والوكالة ، وأنّ الوكالة تجري في كلّ فعل إلّا ما خرج ، على ما يدّعيه بعض
__________________
(١) جواهر الكلام : ٤٠ / ١٩ ، ٤٧ ٤٨.
(٢) راجع جامع الشتات : ٢ / ٦٤٧.
(٣) جواهر الكلام : ٤٠ / ١٩ و ٤٧ ٤٨.