حالاته ، فضلا عن تشعبات الأصول ودقائقها الرفيعة ـ كما في تنبيهات الاشتغال والاستصحاب ـ بل لا يكون مجتهدا في تطبيق قاعدة (لا ضرر) على مواردها ولا إرجاع جملة من هذه القواعد المسطورة إلى دليل قطعي ، لتكون حجة فيما بينه وبين الله تعالى ، لا نفيا ولا إثباتا.
ثم أقول عودا على بدء : إن عادة المدرسين والمؤلفين أن يقولوا : بناء على كذا .. يكون كذا ... فيقولون مثلا : الشيء الفلاني مستحب ، وتركه في فعل خاص ليس مكروها ، إلا بناء على أن الأمر بالمستحب يقتضي النهي الكراهتي عن ضده الخاص. ثم نطلب هذا في كتب الأصول المتداولة فلا نجده.
ويقولون أيضا : بناء على أنه لا يجب اتحاد المتلازمين في الحكم .. ثم نحاول بدورنا تحقيق هذا المبنى ، فنجد في كتاب (الكفاية) نصف سطر في مبحث (الضد) وسطرا في أواخر (مقدمة الواجب) ، ومثله في أواخر مبحث (اجتماع الأمر والنهي).
وهم يقولون في (الخبر الصحيح الذي أعرض عنه المشهور) كلما ازداد صحة ووضوحا ازداد وهنا بالأعراض ، ثم نطلب هذه القاعدة فلا نجدها محررة في كتب الأصول ولا في كتب الفقه ، ويعللها ضعفاء المدرسين بأن الأصحاب أقرب عهدا ، وأعرف بالأخبار ... وهو كما تراه ، استدلال على الظني بمثله ، وعلى حجية الشيء بما لا حجية فيه ، ولعل بعض الفضلاء المعاصرين تنبه لهذا ، ولم يهتد لمدركها فانكرها ، ويلزمه لوازم كثيرة لن يستطيع الالتزام بها ، وأقلها ما يسمونه : تأسيس فقه جديد.
إنني أتمنى أن يشترك جماعة من أهل الفضل في وضع كتاب للأصول ، وفي تنظيم القواعد ولو بنحو التأليف ، وأقصد بالتأليف جمع (كتاب) من كتب عدة.
مثلا : نستعرض كتاب (الكفاية) ، فنجده أجاد في تنبيه من تنبيهات الاستصحاب فننقله بلفظه منها ، ونعمد لكتاب (الرسائل) ، فنجد فيه تنبيها