المقام الأول : في بيان معنى التخصص ، فنقول : هو عبارة عن خروج مورد أحد الدليلين عن الآخر موضوعا حقيقة. فلو قال : أكرم العلماء ، وقال : لا تكرم زيدا كان زيد جاهلا ، فإنه يقال زيد خارج عن العلماء تخصصا. ولا معنى لملاحظة النسبة بينهما حينئذ.
المقام الثاني : في بيان معنى الورود ، فنقول : هو عبارة عن خروج موضوع أحد الدليلين عن موضوع الدليل الآخر تكوينا بواسطة التعبد ، على وجه يكون المورد في طول الوارد ، بحيث يرتفع موضوع المورود عند وجود الوارد. فهو من جهة الخروج الموضوعي يشبه التخصص ، كما إنه يتحد معه نتيجة ، إلّا أنه يفترق عنه من جهة طولية موضوعيهما ومن جهة افتقار الورود إلى التعبد دون التخصص.
وفي الكفاية ، في مبحث الظنون في وجه الجمع بين الحكم الواقعي والظاهري ، ما يظهر منه إن موضوع الوارد غير موضوع المورود ، ولا عكس لوجود المطلق في ضمن المقيد دون العكس. فإذا انكشف الحكم الواقعي ارتفع موضوع الحكم الظاهري. وإذا شك فيه كان الموضوع الواقعي في رتبة الظاهري ، فراجع ..
إذا عرفت هذا فاعلم إن الامارات واردة على الأصول العقلية ، كالاشتغال العقلي والتخيير العقلي والبراءة العقلية. لكون موضوع الاشتغال الشك مع خوف العقاب وعدم المؤمن. فيكون خبر الواحد مثلا بعد حجيته مؤمنا وموضوع التخيير الشك مع الحيرة وعدم المرجح فيكون خبر الواحد مرجحا. وموضوع البراءة الشك مع قبح العقاب بلا بيان ، فيكون خبر الواحد بيانا.
ومن هنا يظهر إن الشك وحده ليس موضوعا للأصول ، بل هو مع القيود الآنفة وبارتفاع القيود يرتفع الموضوع ، لانتفاء المركب بانتفاء جزئه ولانتفاء المشروط بانتفاء شرطه (فإن الشروط عند العقل شطور ، والشطور عنده شروط). أو يرتفع الموضوع لارتفاع الجنس بارتفاع فصله. ومن ثم يصح أن