يقال أن الموضوع ارتفع تكوينا. ولو كان الشك هو تمام الموضوع لما صح ذلك ، لبقائه بالوجدان. وارتفاعه تعبدا فيه تكلف بل هو خلاف المستفاد من ظاهر الأدلة.
كما إن الشك ليس موضوعا للامارة ، بل موضوعها الواقع بناء على الطريقية ، والشك مورد لها وحالة فقط ، ويشكل الأمر بناء على السببية.
المقام الثالث : في معنى الحكومة ، فنقول : هي عندنا عبارة عن نظر أحد الدليلين إلى الدليل الآخر ، على نحو يكون المحكوم بمنزلة الموضوع للحاكم ، سواء كان الحاكم متعرضا لعقد وضع المحكوم أو لعقد حمله ، وسواء كان مضيقا لدائرته أو موسعا لها. فالحاكم هو المفسر للمحكوم ، سواء كان مفسرا له بالفعل ، أو صالحا للمفسرية بنظر أهل المحاورة. ولذا يصح أن يقال : إن الحاكم هو الذي يصح أن يقترن بكلمة أعني أو يرادفها مثل (أريد) و (أي) ، المأتي بها بقصد الشرح والتفسير بقصد بيان مراد.
فصور الحكومة : باعتبار عقد الوضع ، والحمل ، والتوسعة والتضييق ، أربع. والمثال الصالح للصور الأربع قول المولى : العلماء إكرامهم واجب. وقوله بعد ذلك الفلاح عالم والفاسق ليس بعالم. والتأديب إكرام وإعطاء الدراهم ليس إكراما. فإنك إذا لاحظت الفقرات الأربع الأخيرة ، وجدت الأولى منها موسعة لدائرة الموضوع ، والثانية مضيقة لها ، والثالثة موسعة لدائرة المحمول ، والرابعة مضيقة لها.
المقام الرابع : في معنى التخصيص. وهو عبارة عن الخروج حكما مع وحدة الموضوع حقيقة وتعبدا. وبهذا يظهر الفرق بينه وبين الحكومة المضيقة لدائرة المحكوم. فإنها وإن اتحدت مع التخصيص نتيجة ، إلا إن الحكومة توجب التصرف في الموضوع تعبدا دونه والتصرف فيه تعبدا وإن كان بلحاظ الاثر ، لأنه هو الذي بيد الشارع رفعه ووضعه ، دون نفس الموضوع إلا إنه فرق فارق ، وسيتضح الفرق إن شاء الله في التنبيهات الآتية ثم إنه لا يبعد انطباق كلام شيخنا المرتضى رحمهالله في رسائله في مبحث التعادل والتراجيح على ما ذكرناه ، وإن كان يظهر من بعضها إن نتيجة الحكومة نتيجة التخصيص