ويظهر من بعضها الآخر إن الحاكم يكون متعرضا بمدلوله اللفظي للمحكوم. وقد عرفت إن الحاكم قد لا يكون موسعا ، فلا تكون نتيجته نتيجة التخصيص ، وإنه قد لا يكون متعرضا للمحكوم بمدلوله اللفظي ، فتنبه ... وهاهنا تنبيهات مهمة.
التنبيه الأول : في توضيح معنى الحكومة ، وتوضيح الفرق بينها وبين التخصيص والتقييد ، ويتم ذلك بملاحظة أمور
أولها : إن الحكومة من الأمور النسبية. فالدليل الحاكم يفتقر إلى محكوم والمحكوم إلى حاكم. وأما الخاص والمقيد فإنهما وإن كانا نسبيين إلا إن العام والمطلق لا يفتقران إلى مخصص ولا مقيد.
ثانيها : في الفرق بين الحكومة والتخصيص ، فنقول : أما الحاكم الموسع بكلا قسميه ، فتمييزه عن التخصيص والتقييد واضح. وأما المضيق بكلا قسميه ، فإنه وإن اتحد معه نتيجة ، إلا إن العام والخاص متحدان موضوعا ، وإنما يتنافيان في الحكم تنافي الايجاب والسلب ، بحيث يكون كل منهما متعرضا لحكم الخاص. غاية الأمر إن العام متعرض لحكمه لو لا الخاص. وإن الخاص يقدم في نظر العرف على وجه يخرج الخاص عن العام حكما لا موضوعا. بل في الحقيقة : الخاص يقرر فردية مورده للعام. فقولنا مثلا : أكرم العلماء ، ولا تكرم فساقهم ، بمنزلة قولنا : أنهم علماء ولكننا نحرم إكرامهم لفسقهم ، بخلاف الحاكم.
أما المضيق منه لعقد الوضع ، فلأنه يخرج مورده عن كونه فردا للمحكوم عليه إخراجا ادعائيا. فلا يكون هناك موضوع واحد ليجتمع فيه الحكمان حتى يقال : أيهما المقدم بنظر العرف .. فقولنا مثلا : الفاسق ليس بعالم ، إخراج له عنهم ادعاء خروجا تشريعيا لا تكوينيا ، وخروجا تعبديا لا حقيقيا .. وأما الحاكم المتعرض لعقد الحمل ، فإنه بعد تعرضه له يكون متعرضا للحكم فقط ، فيكون اشتباهه بالمخصص قويا جدا. ومع ذلك فربما يفرق بينهما ، تارة بأن الحاكم لسانه لسان تفسير بخلاف المخصص. وكل منهما