على القياس به ، وطالما أقنعوا شيعتهم به .. ومن راجع الأخبار وجد فيها كثيرا من هذا النوع.
قلت : نعم. ولكن تعليم الله تعالى لنبيه (ص) الاستدلال بهذا الدليل قرينة على أنه في مقام التقرير.
فإن قلت : إن هذا لا يزيد عن تعليم المعصومين (ع) شيعتهم الاستدلال بالقياس قبال خصوصهم كما أشرت إليه آنفا.
قلت : فرق بينهما. لوضوح بطلان القياس عندنا.
وبالجملة : إن عدم وجدان النبي (ص) يدل على عدم الوجود واقعا ، فيكون دليلا قطعيا بالنسبة له ولمن يعترف بنبوته ، بخلاف عدم وجداننا واليهود لا يقرون بذلك. فالاحتجاج به عليهم لا يتم إلّا إذا كانت الملازمة بين عدم الوجدان وعدم الوجود ثابتة عند العقلاء.
هذا وجه الاستدلال بالآية الأولى. وأما وجهه بالآية الثانية فهو أنه سبحانه استنكر عليهم عدم الأكل مما ذكر اسم الله عليه ، مع أن تحريمه غير موجود في ما فصله لهم من المحرمات. وهذا يدل على أن عدم ذكره كاف في عدم حرمته. وبهذا تشترك هذه الآية مع سابقتها. فإن كلا منهما يشير إلى ملازمة عدم الوجدان لعدم الوجود ، ويدل على أن عدم وجدان الشيء في عداد المحرمات يوجب الحكم بحليته ، ويدل على تقرير الشارع لهذا الأمر العقلائي. وتفارقها في دعوى اختصاصها بالنبي (ص)
فإن الظاهر من هذه الآية الكريمة إن عدم وجدانهم ـ هم ـ يدل على عدم الوجود لقوله تعالى : (وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ..) فإن توجيه الخطاب إليهم قاض بذلك.
وهناك أيضا فرق بينهما من جهة أخرى ، وهو أن الأولى أوجبت نفي