المشتبه في نفسه كمن قال : اول عبد املكه فهو حر ، فملك ثلاث بالميراث ، فقال يقرع بينهم ، مع أنه لا اول في الفرض ، وقسم من المشتبه عندنا المعين في الواقع ، كالصبيين اللذين سلما من الهدم ، وكان احدهما حرا والآخر مملوكا ، وكالشاة التي نزا عليها الراعي وارسلها في القطيع.
وعلى هذا يمكن أن يقال : إن ما اشتهر من أن القرعة لكل امر مشتبه بالفتح أو الكسر أو بهما. هي ضابط لموارد القرعة بقسميها ، وليست رواية.
الموضع الثاني : لا ريب أن القرعة على تقدير حجيتها والعمل بها ، انما تكون حجة ، في الشبهات الموضوعية لا الحكمية ، فإن الأحكام لا تستخرج بالقرعة ، وموارد الروايات اكبر شاهد على ذلك.
ويدل عليه أنها ان كانت حجة قبل الفحص في الكتاب والسنة ، لزم اهمالهما وهو خروج عن الإسلام ، وإن كانت حجة بعد الفحص فيهما ، وعدم وجود الدليل الخاص ، لزم طرح ادلة الاصول الشرعية والعقلية ، وهو يخالف عمل جميع علماء الإسلام بحسب الظاهر.
الموضع الثالث : المعروف أن قاعدة القرعة قاعدة مجملة مهملة. وهو غير بعيد لاعراض المشهور عن العمل بها ، ولأنه يلزم من العمل بظاهرها ، في كل مورد تنطبق عليه ، تأسيس فقه جديد. وربما يؤيد ذلك ما في مصحح حريز ، عمن ذكره عن احدهما. قال : القرعة لا تكون إلا للإمام .. وجه الاهمال أنه ان اريد بالمشتبه المشتبه الواقعي كانت معارضة لادلة الاصول الموضوعية بأسرها وكانت حاكمة عليها ، لأننا إذا أخذنا باطلاقها لم يبق للاصول مورد ، لأن موردها جعل الوظيفة العملية في مقام الاشتباه. والقرعة تكشف عن المشتبه وترفع الاشتباه ، فهي نظير الامارة فلا يبقى مورد للاستصحاب ولا للبراءة ولا للاشتغال ، ولا لقاعدة الحل ، ولا لقاعدة الطهارة ولا لغيرها ... وهو طرح للنصوص الواضحة الكثيرة المعمول بها التي كادت تكون من الضروريات الفقهية.
وإن اريد بالمشتبه الظاهري ، فإنه يلزم بقاء ادلة القرعة حينئذ بلا مورد.