أن يكون خوفه من جهة احتمال عدم قبول إسلامه ، فيكون دمه مباحا ، ويمكن أن يكون من جهة احتمال إن النبي (ص) يسلمه لأولياء المقتولين ، أو يسلب منه ما سلبه ، ويرده لأهله ، أو يصرفه في مصرفه. فهو أيضا قرينة على عدم الاطلاق أو صالح لها.
والجواب : إنها كلها مراسيل ، والمجبور منها هو ما ذكر في كلمات الفقهاء وهو الفقرة العارية عن المورد (١) وحينئذ يكون الاطلاق محكما ، ويكون المورد الذي يدعى كون الكافر مسئولا عنه بعد إسلامه ، محتاجا إلى الدليل.
ثم إنه يمكن أن يقال : أنه لا يمكن التمسك به في الزكاة ، والخمس ، والاتلافات والجنايات ، والضمانات ، والديون ، والكفارات المالية ، لوروده مورد المنة. والتمسك به فيها مستلزم لرفعها عنه ، وهو مناف للمنة على مستحقي هذه الأموال ، لأنه حرمان لهم منها.
وفيه : إنا نسلم بأنه وارد مورد الامتنان بالنسبة للكافر الذي أسلم. لا بالنسبة لجميع المسلمين فلو لزم من العمل به عدم المنة على غيره لم يكن ذلك منافيا لحكمة تشريعه. وهذا بخلاف مثل حديث الرفع ، ودليل نفي الضرر والحرج ، فإنها لما كانت واردة مورد المنة على جميع الأمة المرحومة ، لم تجر في مورد يلزم من جريانها عدم المنة على بعض الأمة.
ويمكن الفرق بين الزكاة ، والخمس ، والكفارات المالية ، وبين الديون الشخصية كالاستقراض والضمانات والديات ، بأنه يمكن الامتنان برفع الزكاة ونحوها لأنها بالحق الالهي أشبه ، بخلاف الحقوق الخاصة بالبشر ، فإن رفعها فيه نوع من الحيف ، فالمنة برفعها بعيدة.
الايراد الثالث : إنه لا يمكن الأخذ بظاهر الحديث. لأن مقتضى إطلاقه عدم ترتيب آثار جميع معاملاته من عقود وإيقاعات ، وإتلافات ، وجنايات ،
__________________
(١) تلاحظ قاعدة (لا ضرر) فقد أورد عليها مثل هذا الايراد ، واجبنا بهذا الجواب ، وتعرضنا لفائدة حسنة.