الايجاب والتحريم في الفرض ضرري.
ولا ريب أيضا أن حمله على الحكم الشرعي ، بنظر العرف ، أولى من حمله على غيره ، لأنه أسبق العلل ، فإن الحكم الشرعي بمنزلة الموضوع لحكم العقل بوجوب الاطاعة ، وحكم العقل ، بمنزلة العلة. فالحكم الشرعي في الفرض أسبق العلل.
ولا ريب أن (لا ضرر) ترفع الواجبات والمحرمات في الفرض ، بناء على أنها ترفع الحكم الذي يكون سببا للضرر. وإذا انتفى الحكم الشرعي انتفى وجوب الاطاعة ووجوب الاحتياط ، لارتفاعهما بارتفاع سببهما.
وأما بناء على أن (لا ضرر) ترفع نفس الضرر الذي ليس له حكم شرعي ، فلا معنى له ، لأنه ليس له حكم شرعي.
والمحقق صاحب الكفاية ، لما بنى على الثاني ، اقتصر في الاستدلال على عدم وجوب الاحتياط بلزوم اختلال النظام ، بخلاف غيره.
هذا ما فهمته من كلامه رحمهالله بعد تكرر التأمل فيه.
وقد ظهر أن الاحتياط إنما يجب من جهة حكم العقل بوجوب الإطاعة. فإذا فرضنا أن التكليف به يستلزم اختلال النظام ، وجب الجزم بانتفائه لاستحالة التكليف بالقبيح عقلا وشرعا. كما إنه إذا بنينا على أن (لا ضرر) تنفي التكليف الضرري يكون سبب وجوب الاحتياط أيضا منفيا فإذا عرفت هذا كله فاعلم : إننا للآن لم نستوضح الثمرة التي فرعها صاحب الكفاية رحمهالله واعلم أيضا أن (لا ضرر ولا ضرار) بطبعها ، بعد تعذر حمل النفي على معناه الحقيقي ، أعني نفي الماهية تكوينا ، تكون ظاهرة في نفي الحكم ، أو نفي الموضوع ادعاء وتشريعا.
ولا ينبغي الريب أن الفقرة المقترنة بقوله (ص) : في الإسلام ، تصلح للأمرين كما أنها تصلح قرينة على إرادة نفي الحكم ، فيكون كأنه (ص) قال :