بين العبد وسيده ، ولا بين المسلم والحربي. وهو الذي اختاره المحقق صاحب الكفاية ، كما صرح به في المقدمة الرابعة من مقدمات الانسداد.
ـ وفيه : إنه حسن في نفسه ، إلا إنه موقوف على ثبوت حكم للضرر مفروغ عنه ليصح مجيء دليل رافع لذلك الحكم الثابت ، فإن حكم الشك في المحل وجوب الاتيان بالمشكوك فيه ، وحكم الشك بين الثلاث والأربع البناء على الأربع والاتيان بصلاة الاحتياط ، إلى غير ذلك من أحكام الشك ، فإذا كثر هذا الشك ارتفعت أحكامه الثابتة له ، بقوله (ع) : لا شك لكثير الشك ، فيكون من باب رفع حكم الشك بلسان رفع الموضوع. ومثله حكم الربا ، فإن مرتكبه فاسق ، ويحرم عليه أخذ الزائد. فإذا ورد مثلا : لا ربا بين الوالد وولده ، كان من باب رفع الحرمة برفع موضوعها (١).
وتظهر الثمرة : بين هذا الاحتمال والاحتمال الثاني في المقدمة الرابعة من مقدمات الانسداد ، كما يظهر من الكفاية. فإن المقدمة الرابعة تتضمن عدم وجوب الاحتياط ، والمحقق صاحب الكفاية يستدل لعدم وجوبه باختلال النظام فقط ، وغيره يستدل لعدم وجوبه باختلال النظام ، وبلزوم العسر والحرج والضرر.
وتوضيح ذلك : إن العلم الاجمالي بوجوب الواجبات والمحرمات في أفعالنا الاختيارية هو موضوع لحكم العقل بوجوب الطاعة. وطريق الاطاعة منحصر بالاحتياط ، أعني بالجمع بين المحتملات ، بمعنى ترك كل ما يحتمل حرمته ، وفعل كل ما يحتمل وجوبه والجمع بين المحتملات يستلزم اختلال النظام والعسر والحرج والضرر.
ولا ريب إن الضرر في الفرض يصح حمله على وجوب الاطاعة ، فيقال : وجوب الاطاعة ضرري. ويصح حمله على الاحتياط ، فيقال : الاحتياط بالجمع بين المحتملات ضرري. ويصح حمله على الحكم الشرعي ، فيقال :
__________________
(١) تعرضنا لقولهم : لا شك لكثير الشك ، ولقولهم : لا ربا بين الوالد وولده وقلنا أنه ليس رواية ، وإنما هو من أقوال الفقهاء.