الاحتمال الثالث : أن يكون مفادها جعل حكم يتدارك به الضرر.
وبواسطة هذا الجعل يكون كأنه لم يبق ضرر. وبهذا اللحاظ يصح أن يقال : لا ضرر ولا ضرار فالضرر المحكوم بالتدارك ، ممن يكون حكمه نافذا منزل منزلة عدم الضرر ، وإن لم يسلب عنه مفهوم الضرر حقيقة.
ـ وفيه : أولا : إن مجرد الحكم بالتدارك لا يرفع الضرر. ولكن يصحح سلبه مجازا ، والمجاز خلاف الظاهر.
وثانيا : أن مفادها حينئذ جعل الضمان ، فيكون مفادها حينئذ مفاد حديث : (على اليد ما أخذت حتى تؤدي) وأشباهه. ولم يفهم القوم منها ذلك ، فإنهم لم يعدوها من أدلته ولا من أسبابه. نعم يذكرونها دليلا على الضمان في بعض موارده الخفية. وممن ذكرها صاحب الجواهر والشيخ الوالد قدسسرهما ، عند البحث في قاعدة الاتلاف. مضافا إلى إنهم طبقوها في العبادات ، ولا جامع بين الضمان ونفي المشروعية.
وثالثا : إن مفادها حينئذ جعل حكم يتدارك به الضرر ، ولسانها لسان نفي حكم لا لسان إثبات حكم يتدارك به الضرر.
ورابعا : إنه منقوض بوجود أحكام ضررية كثيرة في الشريعة غير متدارك كالخمس والزكاة والحج والجهاد ، ويمكن الجواب ، بأن الثواب على هذه الأمور فيه تدارك لما فيها من الضرر.
الاحتمال الرابع : رفع الحكم بلسان رفع الموضوع ، كما في قولهم : (لا شك لكثير الشك) ، ولا ربا بين الوالد وولده ، ولا بين المرأة وزوجها ، ولا
__________________
ــ الشرعية .. قلت : أولا : أنه منقوض بصحة استصحاب عدم التكليف ، مع أنه ليس حكما شرعيا وإلا لزم كون الاحكام التكليفية عشرة ، واللازم باطل للضرورة ، وليس موضوعا لحكم شرعي بل هو موضوع لحكم عقلي ، وهو عدم العقاب. وثانيا : إن أمر الأحكام ، نفيا وإثباتا بيد الشارع ، فما يكون إيجاده مقدورا يكون عدمه مقدورا ، فهو بهذا اللحاظ يكون من المجعولات الشرعية كنفس الحكم.