(سمرة). وإلى هنا تكون القاعدة منطبقة على موردها أتم الانطباق. ثم لما أصر (سمرة) على الدخول بغير إذن كان معاندا ومخالفا لحكم النبي (ص) ، والنبي (ص) له ولاية الحد والتعزير. فقد يكون النبي (ص) رأى تأديبه بقلع عذقه بدون عوض ولا ضمان.
إن قلت : إن قلعة ضرر على (سمرة) ، وإذا لزم من الأعمال (لا ضرر) ضرر لم تجر ، لأن جريانها حينئذ خلاف المنة؟.
قلت فيه أولا : أنه اجتهاد في مقابل النص. وثانيا : إن هذا الضرر ضرر بحق ، وإذا كان بحق لا يكون مشمولا للحديث (١).
ويحتمل أن يكون السبب في تعزيزه بالقلع ظهور نفاقه ، لأن النبي (ص) أعطاه بها ما شاء الله. فلما أبى أعطاه بها عذقا في الجنة ، فأبى.
ويحتمل أن يكون السبب في قلع العذق بعد ظهور نفاقه عدم احترام مال
__________________
(١) وبعد هذا يظهر أنه لا معنى لأن يقال : إن قلع العذق ضرر على سمرة ، وهو أعظم من ضرر الأنصاري بالمرور بلا استئذان ، ومقتضى القاعدة جريان لا ضرر في الأهم دون المهم ، إرفاقا بالأكثر ضررا ، ولا لأن يجاب بأن ضرر (سمرة) مسبب عن ضرر الأنصاري. وما في طول الشيء لا يعارضه ولا يزاحمه ، بل يكون أسبقهما وجودا أسبقهما تأثيرا وإن كان أضعف ، لأن الدليل ينطبق على أسبق مصاديقه ولا يبقى موضوع للثاني بعد ذلك. بل لا يعقل ، لأنه يلزم من وجوده عدمه فالمقام إذا ليس من باب التزاحم ولا التعارض بل من باب التوارد. والمتواردان إذا وجد أحدهما ارتفع موضوع الآخر ، ومن ثم نقول بتأثير الأسبق زمانا ، هذا مضافا إلى أن ضرر (سمرة) مسبب عن مخالفته للنبي (ص) وعن تعنته ، وإصراره على الدخول بغير إذن ، فيكون هو الذي أوقع نفسه فى الضرر بإقدامه على الإضرار بالغير الذي سبب له وقوعه تحت هذه العقوبة.
ولا يبقى مجال أيضا لأن يقال : أن (لا ضرر) واردة مورد المنة. فإذا لزم من رفع الضرر عن الأنصاري ضرر على (سمرة) بقلع عذقه كان قلعه خلاف المنة لأن الضرر الذي يلزم من رفعه حدوث ضرر لا منة في رفعه ، ولا سيما إذا كان أعظم ولا لأن يجاب بأن القلع ليس من آثار رفع سلطنة الأنصاري على أرضه بل هو من آثار مخالفة سمرة للنبي (ص) ، أو ظهور نفاقه. فيكون هو الذي أوقع نفسه فيه بسوء اختياره كما أوضحناه في المتن.