وأما إذا علمنا بكون الميت هو أو أخوه ، فإن احتمال الحياة بالنسبة له لا يرتفع بهذا العلم الإجمالي بالضرورة ، لأنا نحتمل أن يكون أخوه هو الميت ، وأنه هو الحي ومن أجل ذلك ، لا يكون نقض اليقين الإجمالي نقضا له بيقين مثله ـ في كونه مانعا من احتمال النقيض بل نقض له بيقين ليس مثله ، لأنه لا يمنع من احتمال الحياة ، للقطع باحتمال الحياة ، وهذا أمر دقيق واضح ، فاغتنمه.
ويمكن تقريب مناقضة الذيل والصدر بتقريبات أخرى.
ودعوى تقديم أحدهما ممنوعة ، لأن الكلام الواحد المشتمل على حكمين ، وإن كان يمكن فيه دعوى لزوم الأخذ بالأسبق لاستحكامه ، ويمكن فيه دعوى لزوم الأخذ بالمتأخر ، لأنه كالقرينة الشارحة ، إلا أن ذلك إنما هو فيما يجعل ضابطا حاصرا ، لا في سائر الموارد (١). والأحكام الظاهرية واردة لبيان الحكم الظاهري وليست ضابطا حاصرا لمورد من الموارد.
وقد تلخص مما مر ، أن العلم الإجمالي علة بالنسبة لوجوب الموافقة العملية القطعية وإن عليته تتمم بعدم المانع ، وينحصر انتفاء المانع الشرعي بقصور الأدلة ذاتا أو من حيث حصول الغاية أو من حيث تنافي صدرها وذيلها.
أما إذا كان المانع من جريان الأصول استحالة الجعل من جهة احتمال المناقضة فإن العلم الإجمالي يكون علة تامة في وجوب الموافقة.
ويمكن تقريب ذلك بأن يقال : لا ريب أن الإطاعة وشئونها من وظائف العقل وليست من وظائف الشارع المقدس ، فإنه ليس له التعرض لها نفيا ولا إثباتا. بنحو المولوية ، وإلا لزم الدور أو التسلسل (٢).
ولا ريب أيضا أن أصل التكليف في مثل الفرض محرز بالوجدان ، وإن الإجمال في متعلقه لا فيه نفسه. ولا ريب أنه إذا حصل موضوع حكم العقل ، حكم بدون تردد (٣).
__________________
(١) هذا مما أوضحناه في قاعدة التجاوز.
(٢) لاحظ القاعدة ١١ و١٢ ص ٣٢.
(٣) لاحظ القاعدة ٤ ص ٢١.